تحل اليوم ذكرى وفاة نجيب محفوظ الملقب بـ"أمير الرواية العربية"، الذى وافته المنية فى 30 أغسطس من عام 2006، وهو الأديب المصرى العربى الوحيد الذى حصل على جائزة نوبل فى الأدب .
عُرف عن نجيب محفوظ عشقه لمصر وعزوفه عن القيام بأى رحلات خارجية، حتى وقت إعلان فوزه بجائزة نوبل عام1988 أوفد ابنتيه ليتسلما الجائزة نيابة عنه .
قام نجيب محفوظ بثلاث رحلات خارجية فقط طيلة حياته كانت لدول يوغسلافيا وبريطانيا واليمن، ولعل أغرب تلك الرحلات كانت رحلته لليمن عام 1963..لماذا؟
تفاصيل الرحلة
كان نجيب محفوظ ضمن وفد أدبى كُلف بزيارة إلى اليمن عقب الثورة اليمنية الشهيرة 26 سبتمبرعام 1962، والتي كانت مصر الداعم الأكبر لها فترة حكم جمال عبد الناصر، وضم الوفد بجانب نجيب محفوظ كلا من: يوسف السباعي، ومهدي علام، وأنيس منصور وصالح جودت ومحمود حسن إسماعيل، وذلك ضمن جهود دعم مصر للجمهورية الجديدة فى اليمن.
وقد دون الأديب نجيب محفوظ تفاصيل هذه الزيارة بطريقته السردية ممزوجة بالخيال الأدبي في مجموعته القصصية "تحت المظلة"عام 1969، بعنوان"ثلاثة أيام في اليمن"، على لسان شخصيتين رمزيتين؛ الأديب والجندي، من خلالهما نقل محفوظ كل ما رآه فى اليمن، وملامسته للشخصية اليمنية .
كان نجل شقيقته منتدباً طبياً ضمن الجيش المصري لمساندة الجيش اليمني الذي يحارب أنصار الإمام الذي أسقطته الثورة حينها، وقريبه هذا أصيب في اليمن.
طاف محفوظ، خلال ثلاثة أيام هى مدة الإقامة داخل اليمن، بينما كانت المدة الكاملة شاملة الوقت المستغرب فىالذهاب والعودة 17 يوما، حيث استخدموا السفن، بمدن كثيرة فى اليمن، منها "الحديدة"و صنعاء ومأرب التى تحوى عرش الملكة السبئية بلقيس وآثارها، و تعز .
مواقف طريفة فى اليمن
وفي صنعاء كان لمحفوظ موقف طريف إذ التقى محفوظ فريقاً مصرياً كان يعمل على أول ميزانية لليمن حينها، وإقامة نظامٍ مالي كأساس لحياتها الاقتصادية، يقول فيما دونه :"وقد دعوني لزيارة جناحهم في القصر فذهبت معهم وأنا أداعبهم قائلاً: إذن فأنتم أول من بشر بالروتين في أرض اليمن".
وعن صنعاء قال: "وقت أن زرتها كانت مثل قرية كبيرة، لكن فى هذا الوقت يقولون إن بها شوارع. أذكر أننا نزلنا فى لوكاندة فى صنعاء ذكرتنى ببيتنا فى بيت القاضى. يعنى فيها مشربية".
شال هدية لزوجته
كان محفوظ شديد الإعجاب ببيئة اليمن، وعاد من الرحلة حاملا شال لزوجته هدية وربما ملابس لابنته وبعض الهدايا، وسجل محفوظ رؤيته لليمن واليمنيين، قائلا "هم رجال أشداء حقاً، من سلالة غزت العالم ذات يوم، وقوة مدخرة للخير مستقبلاً»، كما لا يغفل أصالة هذا البلد وفضله ومكانته التاريخية للعرب، ويشير على سبيل المثال إلى هجرات اليمنيين إلى مصر، قائلا: "تذكروا أن وطننا تلقى موجات في إثر موجات من مهاجري هذا البلد، لا يبعد أن نصادف أجداداً وأصولاً ونحن لا ندري".
ولقد ألِف محفوظ ورفاقه أرواح اليمنيين عندما جلسوا إليهم وتحدثوا معهم، وقد أشادوا بشهامتهم وشجاعتهم وكرمهم، ولقد رأوا أن هذا البلد الأصيل به من النبوغ والثقافة، لكن سُدت أمام أبنائه منافذ الضوء «لقد أغلقت اليمن الأبواب على نفسها ألف سنة فلم يختفِ منها الشعر، لكنّ المشكلة الحقيقية هي متى يغزوها العلم؟!".