ألقت الشيخة بدور القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، كلمة حول التنوع الثقافي وتعدد الأصوات في قطاع النشر، وذلك خلال مشاركتها في فعاليات النسخة السابعة من مؤتمر إستوريل الذي عقد مؤخراً في العاصمة البرتغالية لشبونة.
ويمثل مؤتمر استوريل، الذي عقد على مدى يومين، منصةً لبناء حوارٍ مفتوح بين الأجيال بهدف الإعداد لمستقبل أكثر شمولاً واستدامة. وجمع المؤتمر مشاركين من كافة أرجاء العالم ممن يسعون إلى التعاون المشترك لإنشاء تحالفاتٍ فعّالة قائمة على الحلول العملية وذلك بهدف إحداث تغييرٍ إيجابي في قطاعات عديدة.
واستعرضت الشيخة بدور القاسمي في كلمتها أمام المشاركين بالمؤتمر تجاربها الخاصة كونها امرأةً عربيةً مسلمة تعمل في قطاع النشر للتأكيد على الدور الحيوي والفعّال الذي يلعبه التنوع وتعدد الأصوات في إثراء البشرية – وهو موضوع جلسة المؤتمر.
وأوضحت رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين بأنه لطالما تم الحديث عن التنوع والمساواة بين الجنسين في قطاع النشر، وهو موضوع يتطلب اليقظة والاهتمام المستمر على مستوى القطاع من أجل تحقيق النجاح لجميع الشركاء.
واستشهدت بقضية الشاعرة الأمريكية المشهورة يي-فين تشو التي أحدث إدراجها في مختارات الشعر الأمريكية لعام 2015 ضجة كبيرة على خلفية اكتشاف الجمهور بأن هذه الشاعرة شخصية غير حقيقية، حيث أن شاعراً وأميناً لمكتبة يدعى مايكل هدسون، استخدم اسماً مستعاراً لامرأة صينية لنشر أعماله، بعد أن تم رفض مشاركاته في مسابقات شعرية عدة مرات إلى أن تبنى اسماً من ثقافة أخرى وجنساً آخر، فأصبحت أعماله مقبولة.
وأكدت الشيخة بدور القاسمي بأن الجدل الدائر حول التحيّز في قبول القصائد والمحاباة وفقاً للجنس والعرق بعيداً عن الجدارة والأحقية والكفاءة يستدعي التأمل وإعادة النظر من قبل أوساط النشر بغية إحداث تغيير إيجابي فعال ضمن هذه الصناعة لمنع ظاهرة التهميش الممنهج للمؤلفين والناشرين من كافة الخلفيات. وأضافت بأن هذه الحوارات ستسهم في إفساح المجال أمام القراء للوصول إلى محتوى يعكس لهم صورة العالم من حولهم بشكل أفضل.
واستعرضت رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين تجربتها وصراعها مع التحيّز والتمييز على أساس العرق، والجنسية، والدين، والجنس. وأكدت أنها سعت جاهدة على مدار العقد الماضي لتمكين النساء من كافة الخلفيات ودعم حقهن في بلوغ أقصى درجات النجاح المهني، كما شرحت مدى التحديات التي واجهتها خلال عملها في قطاع النشر، ورغبتها بالتوقف في بعض الأحيان، لكن ما تحلّت به من عزيمة وصبر في مواجهة التمييز لعب دوراً رئيسياً في مسيرتها لبلوغ منصب رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، لتكون ثاني امرأة تشغل هذا المنصب خلال مسيرة الاتحاد على مدى 126 عاماً.
وحول القيم الإنسانية وصعوبة تقبل الناس لوجهات نظرٍ مختلفة، أوضحت الشيخة بدور القاسمي أن التحدي الذي يواجهنا جميعاً كمجتمع يتمثل في محاربة الجهل من خلال تعزيز قيم الاحترام والتسامح، والتحلّي بالصبر والتعلّم من بعضنا البعض، وبذل الجهد لفهم وقبول وجهات النظر المتنوعة بقلوبٍ محبة. واستشهدت بالآية 22 من سورة الروم: "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ"، وأشارت إلى أننا جميعاً متساوون من حيث الخلقة، ومع ذلك مختلفون بلغاتنا وألواننا.
وأضافت: "يمكننا بلوغ النجاح والازدهار عند التحلّي بروح المحبة والصبر والوحدة، وحين يكون لقطاع النشر دورٌ حيويٌ في إيجاد بيئة تحفز على الإصغاء إلى أصوات متنوعة، وتوفير منصةٍ فريدةٍ من نوعها تتضمن وجهات نظر مختلفة".
وفي ختام كلمتها، خاطبت رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين المشاركين في المؤتمر بصفتهم قراء، وأثنت على دورهم في تشكيل المشهد الثقافي باعتبارهم من يقرأ هذا المحتوى. كما حثتهم على قراءة أي كتاب لأي مؤلف لا يقرأون أعماله عادةً - لسماع صوتٍ جديد وربما اكتساب رؤية جديدة بأنفسهم.