تمر اليوم الذكرى الـ140 على بدء معركة التل الكبير بين أحمد عرابى والإنجليز، وذلك فى 9 سبتمبر عام 1882، وهى آخر مواجهات العرابيين مع الإنجليز بمنطقة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية وهزم فيها الجيش المصرى ودخل الإنجليز بعدها القاهرة واستقبلهم الخديوى واستعرض القوات البريطانية ووقع عرابى فى الأسر وحكم عليه بالإعدام ثم خفف للنفى لينتهى الأمر بأن تقع مصر تحت الاحتلال الإنجليزى.
كشفت كتب التاريخ عن 4 خونة كانوا السبب الرئيسى فى الهزيمة التى تعرض لها العرابيين، وهم محمد باشا سلطان رئيس الحزب الوطنى، الذى وزع الذهب على بدو الصحراء الشرقية، وعلى رأسهم الخائن الثانى، سعيد الطحاوى الذى كان مرشدا لعرابى وجاسوسا عليه، والثالث على يوسف الشهير "بخنفس" وقبيل المعركة كان عرابى فى خيمته يقرأ الأوراد والأدعية، فجاءه الطحاوى يقسم له أن الإنجليز لن يهجموا قبل أسبوع ثم ذهب لقائد الإنجليز "ولسى" وطمأنه أن المصريين سينامون ليلتهم نوم الأبرار، ويزحف الإنجليز فى الظلام ويصل الإنجليز إلى الخط الأمامى للجيش العرابى.
بينما كان عبد الرحمن حسن قائد فرقة السواري، هو الخائن الرابع، والذى كان يتعين على فرقته أن تكون فى المواجهة بل وكان يعلم بنبأ الهجوم، فتحرك بجنوده بعيدا عن أرض المعركة، ليمر الإنجليز بسهولة وفى الرابعة والدقيقة الخامسة والأربعين انطلق ستون مدفعا وأحد عشر ألف بندقية، وألفان من الحراب، تقذف الجند النائمين فتشتتوا وكان عرابى يصلى الفجر على ربوة قريبة وسقطت قذيفة على خيمته فأسرع وامتطى حصانه ونزل لساحة المعركة فهاله ما رأى وحاول جمع صفوفه عبثا، لكن كان لهذه المعركة أبطال من أبرزهم البطل محمد عبيد، واليوزباشى حسن رضوان قائد المدفعية الذى كبد الإنجليز خسائر فادحة، حتى سقط جريحا وأسيرا وكذلك أحمد فرج، وعبدالقادرعبدالصمد.
وبحسب رواية الزعيم أحمد عرابى فى معركة التل الكبير، كما نقلها المؤرخ عبد الرحمن الرافعى، فإن الزعيم الراحل التقى على باشا الروبى، أحد قادة الجيش، والذى أبدى شعوره بالخذلان إلى عرابى من تصرفات الخديوى توفيق، الذى قام ببعث رسائل يتوعد كبار الضباط، معلنا أن الجيش الإنجليزى لم يحضر إلى مصر إلا خدمة للخديوى وتأييدا لسلطانه، وكانت توزع تلك الرسائل بواسطة محمد باشا أبى سلطان رئيس مجلس النواب آنذاك.
ووفقا لعرابى فإن سبب عدم وجود قوات استطلاع واجهت الإنجليز من طريقها إلى القصاصين إلى التل الكبير يرجع إلى خيانة على بك يوسف، الذى أشاع أنه على علم بأن الجواسيس الإنجليز لا يخرجون فى الليل من مراكزهم، ولذلك لم يفعل ما أمره به على باشا الروبى من عمل خط استحكام من التراب.
كان الإنجليز حين فشلوا فى احتلال مصر من ناحية الإسكندرية وكرروا المحاولة بدخولهم من قناة السويس، وقد سهل لهم دليسيبس رئيس شركة قناة السويس الأمر آنذاك، وكان عرابى قد فكر فى ردم القناة حتى لا يدخل الإنجليز للبلاد عن طريقها فرد عليه دليسيبس بأن القناة على الحياد ويدخل الإنجليز بعدها القاهرة ويستقبلهم الخديوى ويقع عرابى أسيرا ويحكم عليه بالإعدام ويخفف الحكم بالنفي. كل هذا بالإضافة إلى ضعف الخديوى توفيق، آنذاك الذى ساعد على توغل التدخل البريطانى ليمكنهم من الاحتلال.