أن تكشف مومياء جريمة قتل وقعت قبل مئات السنوات هو أمر غريب بلا شك لكن هذا ما حدث سواء في مومياوات الحضارة المصرية القديمة أو حتى في المومياوات التي جرى اكتشافها في أمريكا الجنوبية، فبعد تحليل هذه المومياوات اكتشف العلماء أسرارا عن العالم القديم وتعرض بعض أصحاب هذه المومياوات للعنف والقتل في بعض الأحيان.
المومياء الصارخة
كشف تحليل الحمض النووي للمومياء الصارخة ولمومياء الملك رمسيس الثالث، أن المومياء الصارخة والتى تعرف علميا باسم مومياء الرجل المجهول E هى للأمير "بنتاؤر" الذى دبر مكيدة قتل والده الملك رمسيس الثالث وفقا لوزراة الآثار.
وقد تم دفن المومياء بخبيئة المومياوات الملكية بالدير البحرى، لكنها لم تكن ملفوفة بلفائف الكتان الأبيض الفاخر كعادة المومياوات الأخرى، بل كانت ملفوفة بجلد الماعز والذى كان يعتقد بأنه غير نقى فى مصر القديمة، وبالنسبة لرمسيس الثالث وجدت يديه ورجليه مربوطتين بحبال من الجلد، كما أنه لم يتم تحنيطه على الإطلاق بل وتم الاكتفاء بتجفيفه فى ملح النطرون ثم صب الراتنج بداخل فمه المفتوح.
كما أن وجود علامات شنق على رقبة الرجل المجهول Eتتطابق مع النص الموجود ببردية مؤامرة الحريم والتى تسجل قصة المؤامرة على قتل الملك رمسيس الثالث.
وعند فحص مومياء الملك رمسيس الثالث ضمن أعمال المشروع ظهرت أدلة جديدة عن حياة الملك ووفاته تفيد بأنه توفى فى الـ 60 من عمره وأنه كان يعانى من التهاب بالمفاصل، لكنه لم يتوف نتيجة لكبر سنه، وعند الفحص الدقيق لمنطقة الرقبة بالأشعة المقطعية تنبين أن شخصا ما كان قد فاجأه من الخلف بطعنه فى الرقبة بسلاح حاد ومدبب كالخنجر، وقد وصل عرض الجرح البالغ فى الأنسجة لـ35 مم وامتد بعمق حتى وصل لنهاية الفقرة الخامسة وحتى الفقرة السابعة من فقرات الظهر.
وسجلت قصة المؤامرة على الملك رمسيس الثالث تفصيلا ببردية مؤامرة الحريم والمعروضة حاليا بالمتحف المصرى بتورينو، حيث تحكى البردية عن قتل الملك رمسيس الثالث بتخطيط من زوجته الثانية "تى" وابنها الأمير بنتاؤر، وتقول البردية إن المتآمرين اشتملوا على قادة فى الجيش المصرى وعدد من الجنود والخدم بالقصر، إضافة إلى نساء من حريم رمسيس الثالث ومجموعة من السحرة، كما سجلت البردية أنه قد تم القبض على المتآمرين دون أن تسرد لنا أحداث المحاكمة.
مومياء أمريكا الجنوبية
كشف العلماء عن جريمة قتل وحشية لرجلين من أمريكا الجنوبية عاشا قبل حوالي 1000 عام من خلال دراسة بقاياهم المحنطة ، وفقًا لدراسة ألمانية جديدة.
وبحسب الدراسة التي نُشرت في فرونتيرز أوف ميديسين، فإن علامات واضحة على العنف المتعمد محفوظة على مومياوات الذكور التي عاش أصحابها في تشيلي وبيرو، لكنها الآن موجودة في المتاحف الأوروبية، وشمل البحث أيضًا مومياء أنثى من بيرو.
واستخدم الباحثون التصوير المقطعي المحوسب للكشف عن تعرض الذكر التشيلي لضربة في الرأس وطعنة في الظهر، بينما توفي الذكر البيروفي إثر إصابته بضربة في العمود الفقري العنقي، وهو الجزء العلوي من الحبل الشوكي الذي يحيط بالرقبة. ويتصل بالجمجمة، ولم تسلط النتائج الضوء على مصير هؤلاء الرجال المقتولين فحسب، بل توضح أيضًا كيف يمكن للأجساد المحنطة أن تملأ الفجوات في معرفتنا بالشعوب القديمة بطرق لا تستطيع البقايا الهيكلية القيام بها.
وقال أندرياس جي نيرليش، الأستاذ في قسم علم الأمراض في ميونيخ بوجنهاوزن في ألمانيا والذي شارك في تأليف الدراسة ،"أنواع الصدمات التي وجدناها لم يكن من الممكن اكتشافها إذا كانت هذه الرفات البشرية مجرد هياكل عظمية."
وأضاف: "في حين أن العظام يمكن أن تظهر عليها علامات الصدمة وحتى الإجراءات الجراحية ، فإن البقايا المحنطة تحافظ على الأنسجة الرخوة مثل الجلد والأعضاء ، وهي مليئة بالمعلومات حول حياة وموت كبار السن".
استخدم نيرليش وزملاؤه تقنيات مسح متطورة وغير جراحية للكشف عن بعض أسرار المومياء التشيلية الموجودة في "متحف Anatomicum" التابع لجامعة فيليب ماربورج في ألمانيا ، والمومياوات البيروفية الموجودة في مجموعة من متحف الفن والتاريخ في Delémont في سويسرا.
وعاش الرجل صاحب المومياء الموجودة في متحف ماربورج شمال تشيلي ، ويبدو أنه كان صغيرًا عندما توفي ، بين 20 و 25 عامًا حيث تم دفنه مع بضائع جنائزية تلمح إلى الحياة في مجتمع صيادي الأسماك ؛ وتظهر أسنانه نظامًا غذائيًا غنيًا بالذرة وتحتوي رئتيه على علامات تدل على مرض السل ويشير التأريخ بالكربون المشع إلى أنه قُتل في وقت ما بين 996 و 1147 م.