تمر اليوم الذكرى الـ1236، على ميلاد الخليفة المأمون، إذ ولد فى 13 سبتمبر عام 786م، هو عبد الله بن هارون الرشيد سابع خلفاء بنى العباس، توفي هارون الرشيد عام 809م في خراسان وأخذت البيعة لابنه الأمين وفقا لوصية والده التي نصت أيضًا أن يخلف المأمون أخاه الأمين.
فقد كان صعود نجم المعتزلة في التاريخ الإسلامي نقطة فارقة، كانت شخصية الخليفة العباسي المأمون 198 – 218 هـ شخصية مختلفة عن سابقيه من الخلفاء العباسيين، جعل من بيت الحكمة مركزًا لترجمة الكتب اليونانية وعرف الناس بفضله اليونان أرسطو وأفلاطون وغيره، أحبَّ الطب والهندسة والرياضيات وغيرها من العلوم، كان يحب أن يعمل عقله وفكره، انضمت حول الخليفة المأمون طائفة المعتزلة، واقتنع بفكرهم وصار منهم وصاروا منه.
استقر لدى جمیع المؤرخین القدماء، ولدى الباحثین المحدثین خلال القرن العشرين بأكمله، الاعتقاد بأن "الامتحان" بعقیدة "خلق القرآن"، الذي شرعه الخلیفة العباسى المأمون في العقد الثانى من القرن الثالث الھجري وتابعه علیه خلیفتاه المعتصم والواثق، قد جرى غیرة وحرصا من الخلیفة على الدفاع عن عقیدة التوحید الدينیة الإسلامیة وأن المعتزلة، الذين قیل دوما إنھم المنافحون عن الحرية العقیدية والإنسانیة، ھم الذين قادوا عملیة الاضطھاد أو "التفتیش" التى تجسدت في "المحنة".
فى ھذا العمل ينھض فھمى جدعان، في قبالة ھذه الأطروحة المتداولة لیكشف، بشكل قاطع، عن "المعقولیة السیاسیة" للمحنة وعن براءة المعتزلة من متعلقاتھا، وعن أنھا لم تكن إلا مظھرا من مظاھر التقابل الحاد بین "الدينى" و"السیاسى"، ووجھا من وجوه استخدام الدين لغايات السلطان السیاسى.
يحاول الكتاب كشف هذا التاريخ من خلال تتبع هم الأشخاص الذين استهدفوا بهذا الامتحان؟ لقد كان الجواب دوما على هذا السؤال هم الفقهاء من أصحاب الحديث والسنة، لكن المتتبع للمسألة سيجد أنه امتحن أناس لم يكونوا من الفقهاء ولم يكونوا من المتعاطين فى إنتاج العلم، والأمر الثانى الذى يجب التنبه إليه أن المأمون لم يمتحن أصحاب الحديث لكونهم "أصحاب حديث" ولم يخطر على باله ذلك قط، بل الأمر كان فى مجملة حركة سياسية.