يعتبر محمد أركون الذى تحل اليوم ذكرى رحيله واحدا من أكبر المفكرين العرب من جهة التأثير وقد ولد عام 1928 في بلدة تاوريرت ميمون بالجزائر، وانتقل مع عائلته إلى بلدة عين الأربعاء "ولاية عين تموشنت" ثم واصل دراسته الثانوية في وهران، يذكر أركون أنه نشأ في عائلة فقيرة، وكان والده يملك متجراً صغيراً في قرية اسمها "عين الأربعاء" شرق وهران، فاضطر ابنه محمد أن ينتقل مع أبيه، ويحكي أركون عن نفسه بأن هذه القرية التي انتقل إليها كانت قرية غنية بمن أسماهم "المستوطنين الفرنسيين" وأنه عاش فيها "صدمة ثقافية"، ولما انتقل إلى هناك درس في مدرسة الآباء البيض التبشيرية، والأهم من ذلك كله أن أركون شرح مشاعره تجاه تللك المدرسة حيث يرى أنه "عند المقارنة بين تلك الدروس المحفزة في مدرسة الآباء البيض مع الجامعة، فإن الجامعة تبدو كصحراء فكرية"
درس الأدب العربي والقانون والفلسفة والجغرافيا بجامعة الجزائر ثم بدعم من المستشرق الفرنسي لوي ماسينيون قام بإعداد التبريز في اللغة والآداب العربية في جامعة السوربون في باريس، ثم اهتم بفكر المؤرخ والفيلسوف ابن مسكويه الذي كان موضوع أطروحته.
اهتم محمد أركون بنقد العقل الدينى انطلاقا من النصوص الدينية وأصول الفقه فى علاقة بالظروف التاريخيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والعقائديّة، متبنيا فى ذلك مقاربات منهجية حديثة مثل الأنثروبولوجيا التاريخيّة، وقد سعى إلى تأسيس ما يعرف بـ"الإسلاميات التطبيقية"، ومن هنا كان اهتمامه بالمفاهيم وتاريخيتها مثل الدين والدولة والوحى والحرام والحلال والمقدس والعقل والمعرفة واللغة.
والمنهج الأركونى هو فى ذاتيته نتاج ثقافة فرانكفونية لازمته بحثاً وفكراً ومعايشة، وقد اشتغل أركون بشكل أساسى على تأويل وقراءة النص القرآنى قراءة معاصـرة له كتب عدة بالفرنسية ترجمت إلى العربيّة، ومنها نذكر: "الفكر العربي، الإسلام بين الأمس والغد، تاريخية الفكر العربى الإسلامي، الفكر الإسلامى قراءة علمية، الإسلام، الأخلاق والسياسة، الفكر الإسلامى نقد واجتهاد، الفكر الأصولى واستحالة التأصيل، نزعة الأنسنة فى الفكر العربي، من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي، معارك من أجل الأنسنة فى السياقات الإسلامية، قضايا فى نقد العقد الديني، العلمنة والدين".