مثلما يحفظ التاريخ الأحزان والآلام يحتفظ أيضا بالأفراح والليالى الملاح، ومن هنا فقد وثقت كتب التراث الإسلامى زواج الإمام على بن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء، فما الذى جرى فى كواليس ذلك الفرح؟
تزوج الإمام علي من السيدة فاطمة فى العام الثانى للهجرة، كانت هى فى الـ18 من عمرها وكان هو يكبرها ببضع سنوات، وذكرت قصة الزواج فى عدد من الكتب، فقد ذكرها ابن كثير فى السيرة النبوية، والبيهقى فى الدلائل عن على رضى الله، وخلاصة القصة، فيما ينسب للإمام علي: خطبت فاطمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة خُطِبَت من رسول الله؟ قلت: لا، قالت: فقد خطبت، فما يمنعك أن تأتى رسول الله فيزوجك بها؟
فقلت: أو عندى شيء أتزوج به؟
فقالت: إنك إن جئتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زوّجك.
فو الله ما زالت ترجّينى حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أن قعدت بين يديه أُفْحِمْتُ، فوالله ما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما جاء بك، ألك حاجة؟)
فسكتّ، فقال: (لعلك جئت تخطب فاطمة؟)
فقلت: نعم.
فقال: (وهل عندك من شىء تستحلها به؟)
فقلت: لا والله يا رسول الله
فقال: (ما فعلت درع سلحتكها؟)
قلت: فوالذى نفس على بيده إنها لحُطَمِيَّة ما قيمتها أربعة دراهم، فقلت عندي.
فقال: (قد زوجتكها) فبعث إليها بها.
وفى رواية للنسائى وصححها الألبانى أن علياً رضى الله عنه قال: "تزوجت فاطمة رضى الله عنها، فقلت: يا رسول الله! ابْنِ بِى (اسمح لى بالدخول بها)، قال: (أعطها شيئاً) قلت: ما عندى من شيء، قال: (فأين دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّة؟) قلتُ: هى عندى، قال: (فاعطها إياه)" درعك الحطمية: منسوبة إلى بطن من عبد القيس يقال لهم حطمة بن محارب كانوا يعملون الدروع.
الرسول يأخذ رأي فاطمة
رغم موافقة النبى عليه الصلاة والسلام على على بن أبى طالب، فقد كان يحبه ويعتز به، لكن ذلك لم يكنه من أخذ رأي فاطمة، فلما سألها "سكتت" فعرف النبى، عليه السلام أنها موافقة.
وكان جهاز بيت فاطمة والإمام على "قطيفة، وقِرْبَة، ووسادة من جلد حشوها ليف أو نبات".
فعن على رضى الله عنه قال: (جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فى خميل (قطيفة)، وقِرْبة، ووسادة أدم (جلد) حشوها إذخر (نبات رائحته طيبة) رواه أحمد.
وفى رواية ابن حبان: (وأمرهم أن يجهزوها، فجعل لها سريراً مشرطاً بالشرط، ووسادة من أدم حشوها ليف).