تمر اليوم ذكرى حركة سيد الشهداء الإمام الحسين بن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهمها، من مكة إلى الكوفة، في 22 سبتمبر عام 680م، وذلك استجابة لدعوات التأييد التى جاءته من هناك.
وكانت بدايات الخلاف التي دعت الإمام الحسين للقيام بحركته، استقرَّت خلافة المسلمين لمعاوية بن أبى سفيان بعد أن تنازل الحسن بن على -رضى الله عنه- عن الخلافة وبايع معاوية عليها وبايع الحسين بن على معاوية بن أبى سفيان على خلافة المسلمين بعد خلاف وقتال انتهى بالصلح ومبايعة معاوية، وكان هذا بعد سلسلة من الصراعات بدأت فى فتنة قتل عثمان بن عفان -رضى الله عنه- ثم معركة الجمل ثمَّ صفين، فتم عقد الصلح وسُمِّى العام الذي تم فيه الصلح بين الأطراف المتنازعة بعام الجماعة.
وكان من بنود الصلح أن ترجع الخلافة إلى مبدأ الشورى من جديد بعد موت معاوية، أى أن يستشير المسلمون بعضهم في تحديد خليفتهم القادم تمامًا كما كان يحدث فى عهد الخلفاء الراشدين، وتمَّ الصلح والتزمت الأطراف به كاملة، وبعد فترة مات الحسن بن على وبقى الحسين ملتزمًا ببنود الصلح حتَّى أنَّه خرج مجاهدًا فى سبيل الله مع الجيش الذى أرسله معاوية لفتح القسطنطينية سنة 49 للهجرة، ولكنّ الحدث الذى دفع البلاد إلى كثير من الاضطراب هو ما فعله معاوية بن أبى سفيان قبل وفاته، حيث قام معاوية بترشيح ابنه يزيد للخلافة بعده مخالفًا بنود الصلح ورافضًا نظام الشورى الذى اتُفق على العمل به بعد وفاة معاوية، فثار الصحابة الكرام على قرار معاوية، معتبرين ترشيحه ليزيد من باب توريث الخلافة دون البحث عن الشخص المناسب لها، فبدأت الانشقاقات في صفوف الدولة الإسلامية وبدأت حركات المعارضة لحكم معاوية تظهر بين الناس.
ومنذ وصوله إلى الكوفة راحَ "مسلم" يجمع الأنصار، ويأخذ البَيعة للإمام الحسين (عليه السلام)، فأعلن الكثير من أهل الكوفة ولاءَهم للإمام وعلى أثر تلك الأجواء المشحونة، وكتب مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين (عليهما السلام) يَحثُّه بالمسير والقدوم إلى الكوفة.
فتسلَّم الإمام الحسين (عليه السلام) رسالة مسلم بن عقيل وتقريره، عن الأوضاع والظروف السياسية، واتجاه الرأي العام، التوجُّه إلى العراق، وذلك سنة 60 للهجرة، جمع الإمام الحسين (عليه السلام) نساءه، وأطفاله، وأبناءه، وأخوته، وأبناء أخيه، وأبناء عُمومَته، وشدَّ (عليه السلام) الرحَال، وقرَّر الخروج من مكة المكرَّمة.
فلما سرى نبأ رحيله (عليه السلام)، تَملَّكَ الخوفُ قُلوبَ العَديد من مُخلصِيه، والمشفِقين عليه، فأخذوا يتشبَّثون به ويستشفعون إليه، لعلَّه يعدل عن رأيه، ويتراجع عن قراره.
إلاَّ أنَّ الإمام (عليه السلام) اعتذرَ عن مطالباته بالهدنة، ورفضَ كُل مَساعى القعود والاستسلام، وهناك كانت فى انتظار الإمام مفاجآت غير سارة لقد تنبه بنى أميه للخطر الكبير الذي يمثله خروج الإمام إلى أهل العراق فقتلوا مسلم بن عقيل وأثاروا الفزع فى نفوس الناس وعقدوا النية على قتل الحسين نفسه.