تمر اليوم ذكرى رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذى توفى يوم 28 سبتمبر من سنة 1970، والمعروفأن زوجته تحية عبد الناصر قد كتبت مذكراتها تحت عنوان "ذكريات معه" فما الذى قالته فى مقدمة الكتاب:
كتبت تحية عبد الناصر:
زوجي الحبيب، لم تمر علي دقائق الا وأنا حزينة، وهو أمام عيني في كل لحظة عشتها معه، صوته صورته المشرقة، نسانياته، كفاحه، جهاده، كلامه، أقواله، خطبه، مع الذكريات أبكي بالدموع، أو اختنق بالبكاء، وحتى إذا ضحكت فشعوري بني مختنقة بالبكاء مستمر، لقد عشت مع جمال عبد الناصر ثماني سنوات قبل الثورة، وثمانيه عشر عاما بعد قيامها في 23 يوليو سنه 1952، فقد تزوجنا في 29 يونيو سنه 1944، أي عشت معه 26 عاما وثلاثة أشهر، فبالنسبه لي الآن أعيش مرحله ما بعد رحيله، لقد عشت معه مرحلتين قبل الثورة وبعدها، والمرحلة الثالثة هي التي أعيشها بعد رحيله ولم يرها، آه ما أصعبها يا لها من مرحلة قاسية، لم أفتقد أي شيء إلا هو، ولم تهزني الثمانية عشر عاما إلا زوجي الحبيب لا رئاسة الجمهورية ولا حرم رئيس الجمهورية، لقد عشت هذه السنين الطويلة قبل رحيل الرئيس (لقد اعتدت أن اقول الرئيس، لأني أشعر بأنى لا أستطيع أن أقول غير الرئيس وسأظل أقولها) كانت مليئة بالمفاجآت، بل كانت كلها مفآجات وأحداثا، لكنها بالنسبه لي لم تكن صعبة بل كانت سعيدة مرحة، وفي أصعب المآزق التي كنت أشاهدها كنت أحيانا أضحك من المصيبة التي ربما تحل بي، لكنها والحمد لله كلها مرت على خير.
لقد فكرت في الكتابة عن حياتي مع جمال عبد الناصر في أول مرة وكان في سوريا أيام الوحدة في سنه 1959 وقت عيد الوحدة وأمضيت ما يقرب من ثلاث سنوات أكتب باستمرار عما مضى وعن الحاضر، لكن في يوم قلت لما أكتب؟ وكان الرئيس يعلم أني أكتب ومرحبا.
غيرت رأيي وقلت في نفسي لا أريد أن أكتب شيئا وتخلصت مما كتبت وأخبرت الرئيس فتأسف، وقال لي لما فعلت ذلك؟ فقلت له إنى سعيدة كما أنا، ولا أريد أن اكتب شيئا، وقلت ربما تكلمت عن حقائق تحرج بعض الناس وتكون متصلة بحقائق كنت أراها تدور أمامي، فقال لي افعلي ما يريحك، إنني كتبت عم أذكر من مواقف ومفآجات مما كان يحصل في بيتنا وما كنت أسمعه وأشاهده بعيني وما كان يقول لي الرئيس، وقررت ألا أكتب أبدا وقلت له أنا مالي، وضحكنا.
في العام الماضي قررت أن اكتب وأنا اعلم جيدا أن الرئيس كان آسفا لاني لم استمر في الكتابه وتخلصت مما كتبت، فانا أعيش الان وكأنه موجود بجانبي لا أتصرف أو أفعل شيئا كان لا يحبه، ولو كنت أعلم أنه لا يريدنى أن أكتب شيئا ما فعلت.