واحدة من أشهر القصائد المغناة فى التاريخ الموسيقى العربي هى قصيدة "عش أنت" للشاعر العربي الكبير بشارة الخورى الملقب بـ الأخطل الصغير، والتي لحنها وتغنى بها الموسيقار الكبير فريد الأطرش.
والأخطل الصغير عاش فى الفترة من (1885- 1968) واسمه بشارة بن عبدالله بن الخوري ولد في بيروت لقب بالأخطل الصغير لأنه درج في فترة الاحتلال العثماني ثم الانتداب الفرنسي للبنان على توقيع قصائده الوطنية باسم الأخطل الصغير في استحضار لأحد فحول الشعراء في العصر الأموي وهو الأخطل الذي كانت له معارك شعرية مشهورة مع جرير، وهو أصغر أخوته السبعة، تلقى علومه في المدرسة الإكليركية الأرثوذكسية ثم انتقل بعد أربع سنوات إلى مدرسة الحكمة فدرس فيها ثلاث سنوات، وفيها بدأت موهبته تتفتح فكان من المتفوقين، وتعرّف في هذه الحقبة على جبران خليل جبران، ثم انتقل إلى مدرسة المزار في غزير فمدرسة الأخوة (الفرير) في بيروت فأتقن اللغة الفرنسية إضافة إلى لغته العربية، وبعدئذ توقف عن الدراسة.
أصدر جريدة "البرق" عام 1908 وضمت حينها كبار الأدباء والمفكرين ممن ناصروا حركات التحرر، وقد استمرت في الصدور حتى بداية عام 1933، عندما أغلقتها السلطات الفرنسية وألغت امتيازها نهائياً. وكانت قد توقفت طوعاً أثناء سنوات الحرب العالمية الأولى.
وعاد الشاعر إلى الكتابة في أغلب الجرائد اللبنانية ولكن باسم مستعار هو الأخطل الصغير ، وفي يوليو عام 1925 رشّح نفسه للانتخابات النيابية ولكنه خسر المعركة، وفي العام نفسه انتخب نقيباً للصحفيين اللبنانيين .
له مجموعة من الدواوين أشهرها ديوان (الهوى والشباب) 1953، وديوان (شعر الأخطل الصغير) 1961، توفي ببيروت في 30 يوليو 1968 عن عمر 83 سنة .
كتب الأخطل الصغير لفريد الأطرش ثلاثة أعمال تندرج كلها في إطار الشعر العربي الفصيح، وأول عمل مشترك جمع بينهما كان قصيدة أضنيتني بالهجر في سنة 1966، ويحكى أن فريد ذهب إلى بيروت ليستأذن الشاعر لغناء هذه القصيدة، وكان الأخطل قد بلغ من العمر عتيا وأصيب بمرض الزهايمر في سنواته الأخيرة، فلم يتذكر قصيدته فما كان من فريد إلا ان ذكر له اسم الديوان الذي نشرت فيه القصيدة، وقد لحن فريد هذه القصيدة بأسلوب تلحين القصيدة القديم على منوال عبد الحامولي والشيخ أبو العلا محمد وغيرهما بإعتماد أسلوب المزاج اللحني الواحد، ثاني عمل جمع بين الموسيقار وشاعره كان القصيدة الوطنية وردة من دمنا التي لحنت أساسا لتغنيها السيدة أم كلثوم ثم اعتذرت عنها ، وقد بقيت في الأدراج إلى أن قدمها فريد بعد معركة العبور في أكتوبر 1973، ويظن كثيرون أن القصيدة كتبت عقب نكسة يونيو 1967 إلا أن الأخطل الصغير كان قد كتبها في العام 1936 إثر الانتفاضة الفلسطنية الأولى ، وبعد حرب 1967 وجدها فريد معبرة عن المرحلة ولاتزال صالحة لكل زمان مادامت أثار نكبة فلسطين قائمة، آخر الأعمال المشتركة بين المبدعين كانت قصيدة عش أنت إحدى روائع الموسيقار الخالدة، عش أنت 1972.
ومن طرائف تعامل الموسيقار والشاعر أن القصائد التي غناها فريد الأطرش للأخطل الصغير كانت تحمل عناوين في الأصل ، لكنها تغيرت عندما قدمها فريد وغلبت عليها الأسماء التي قدمها بها ومن ذلك أن أضنيتني بالهجر وردت في ديوان الشاعرفي الأصل بإسم لو مر سيف بيننا ووردة من دمنا أو سائلي العلياء عني والزمان كان عنوانها الأصلي في الديوان يا جهاد صفق المجد له ، كذلك الشأن بالنسبة لقصيدة عش أنت وعنوانها الأصلي إني مت بعدك.