نلقى الضوء على كتاب القومية العربية الراديكالية والإسلام السياسي لـ هواري عدي، الصادر عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود.
يتناول هذا الكتاب معاناة الدول العربية في مواجهة متطلبات تحقيق الإستقلال، في مرحلة أولى، حيث هيمنت إيديولوجيا القومية العربية الراديكالية بمختلف أطيافها، ونجحت إلى حد بعيد في إنتزاع الإستقلال الجغرافي والسياسي سواء تعلق بالأمر بالإمبراطورية العثمانية أم بالقوى الإستعمارية الأوربية، وأسفرت هذه المرحلة عن نشأة دول عربية مستقلة تبنّى بعضها النمط الجمهوري والبعض الآخر النمط الملكي.
غير أن المرحلة الثانية، مرحلة بناء المجتمع ومؤسسات الدولة، سرعان ما بينت قصور القومية العربية الراديكالية وعدم قدرتها على مواجهة تحديات الحداثة والعصرنة، مع بعض التباين بين الأنظمة الجمهورية والأنظمة الملكية، ويكمن فشل القومية العربية الراديكالية في سوء تعاملها مع عدد من القضايا المصيرية (العلمنة والشريعة والتمثيل السياسي وبناء الإقتصاد ومتطلبات السوق والعولمة والحريات المدنية ودور الجيش وغيرها) تارة بالسذاجة أو سوء الفهم والتقدير وتارة بالتجاهل أو التعنت أو العنف.
وقد أدى هذا الفشل إلى بروز وهيمنة إيديولوجيا ثانية هي الإسلام السياسي أو الإسلاموية، وهي التي تحاول أن تحل محل القومية العربية الراديكالية تصوراً ثقافياً وإرادة سياسية، وقد نجحت إلى حد بعيد في زعزعة الكيان الإيديولوجي للقومية العربية، وخاصة في الجمهوريات، حيث طرحت نفسها بديلاً جاداً، غير أن الإسلاموية أيضاً تعاني من الطوباوية المفرطة وغياب برنامج واضح للحكم وغموض موقفها من الديمقراطية والحريات الفردية، وهي نقائص تحاول "ما بعد الإسلاموية" إصلاحها، خاصة في كل من تركيا وإيران والمغرب بدرجات متفاوتة.