تمر هذه الأيام الذكرى الـ 105، على انطلاق ثورة أكتوبر أو المرحلة الثانية من الثورة البلشفية، فى روسيا، كانت بداية الثورة يوم 25 أكتوبر عام 1917، واستمرت يوم 7 نوفمبر من نفس العام، والمرحلة الثانية من الثورة الروسية عام 1917 قادها البلاشفة تحت إمرة فلاديمير لينين وقائد الجيش الأحمر ليون تروتسكى وكامل الحزب البلشفى والجماهير العمالية بناءً على أفكار كارل ماركس وتطوير فلاديمير لينين؛ لإقامة دولة اشتراكية وإسقاط الحكومة المؤقتة. وتعد الثورة البلشفية أول ثورة شيوعية فى القرن العشرين الميلادي.
والبلشفية تعنى الكثرة أو الأكثرية وقد أطلقت جماعة الجناح اليسارى من أنصار لينين، فى حزب العمل الاشتراكى الديمقراطى الروسى هذا التعبير على نفسها عام 1903، ووقد ظلت تلك الجماعة تعرف بهذا الاسم حتى بعد نجاح ثورة أكتوبر عام 1917 التى عرفت باسم الثورة البلشفية.
كانت الثورة الروسية، التى تعرف أيضاً باسم الثورة البلشفية، التى قامت فى أكتوبر/تشرين الأول من عام 1917، حدثاً رئيسياً فى القرن الماضي، ويمكن لنا اعتبارها حدثاً غيّر التاريخ العالمي، بنجاحها انهارت إحدى أهمّ الإمبراطوريات فى ذلك الزمن: الإمبراطورية الروسية القيصرية، كما أصبح الاتحاد السوفييتى قوّة يحسب لها ألف حساب عالمياً، ومع انتصار السوفييت إلى جانب أمريكا فى الحرب العالمية الثانية أصبح الاتحاد السوفييتى قطباً شيوعياً فى مواجهة القطب الرأسمالى الأبرز؛ أمريكا.
وبحسب مقال للمفكر الراحل مغازى البدراوي، نش تحت عنوان "من أحداث القرن:الثورة البلشفية فى روسيا" فأن الثورة البلشفية غيرت مجرى التاريخ تغييرا جذريا، وقد ساعدها على ذلك فى الاساس الفترة الزمنية التى اتت فيها، فقد دب الوهن والضعف فى الامبراطوريات الاستعمارية الكبيرة التى سيطرت على العالم قرونا طويلة استنفدت فيها خيرات المستعمرات وتركتها تئن تحت وطأة الفقر والمرض والجهل، وجاءت الافكار الاشتراكية لتجد صدى كبيرا فى الدول المستعمرة التى غزتها هذه الافكار وبسرعة خاصة بعد الحرب العالمية الاولى.
وأصبحت الشيوعية التى تحولت من المفاهيم النظرية الى المفاهيم الثورية تشكل خطرا كبيرا على الدول الصناعية الكبرى التى وصفها البلاشفة بالإمبريالية العالمية، وأضاف لينين الكثير للنظرية الماركسية، ومن أهم ما إضافة مفهوم (الاستعمار اعلى مراحل الرأسمالية الامبريالية)، هذا المفهوم الذى كان بمثابة الغمامة التى غطت اعين الشعوب المستعمرة عن أى بديل اخر للاستعمار سوى الاشتراكية. وما كادت الحرب العالمية الثانية تضع اوزارها حتى انطلقت المبادئ الشيوعية والاشتراكية تغزو العديد من دول العالم وعلى رأسها اوروبا التى انقسمت الى معسكرين اشتراكى ورأسمالي.
وبرز الاتحاد السوفييتى كدولة عظمى تقتسم السيادة على العالم مع الولايات المتحدة الامريكية. ومن موسكو انطلقت المفاهيم الاشتراكية الى كل دول العالم بحيث اصبح معظم دول العالم لا يخلو من حزب شيوعى او اشتراكي، حرص الولايات المتحدة التى صدر فيها قانون عام 1922 يحرم تأسيس اى حزب شيوعى ظهرت فيها جماعات شيوعية كونت تنظيمات حزبية غير علنية، وخاصة فى اعقاب حرب فيتنام, كما ظهرت دول أخرى شيوعية قوية خارج المعسكر الاشتراكى التابع لموسكو، مثل يوغوسلافيا التى رفض فيها زعيمها تيتو الانضمام لحلف وارسو الشيوعي، والصين التى تبنّى فيها زعيمها (ماوتسى تونج) المفاهيم الستالينية التى تخلت عنها موسكو فى عهد (خروشوف) وانقسمت كل من كوريا وفيتنام الى دولتين شيوعية ورأسمالية، ولم تسلم الدول العربية من تداعيات الثورة البلشفية، وكانت بداية ظهور الاحزاب الشيوعية فيها فى سوريا والسودان ومصر فى العشرينيات، ثم بدأت تأخذ بعض الدول العربية الاخرى الاتجاه الاشتراكي، وخاصة الدول المتحررة من الاستعمار فى اعقاب الحرب العالمية الثانية.