توفي الخليفة المأمون فى سنة 218 هجرية بعدما قضى قرابة 20 عاما فى الحكم، فكيف كانت حياته وموته، وما الذي يقوله فيه التراث الإسلامي؟
يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير تحت عنوان "عبد الله المأمون"
هو: عبد الله المأمون بن هارون الرشيد، العباسي القرشي الهاشمي، أبو جعفر، أمير المؤمنين، وأمه أم ولد يقال لها: مراجل الباذغيسية، وكان مولده في ربيع الأول سنة سبعين ومائة ليلة توفي عمه الهادي، وولي أبوه هارون الرشيد، وكان ذلك ليلة الجمعة كما تقدم.
قال ابن عساكر: روى الحديث عن: أبيه، وهاشم بن بشر، وأبي معاوية الضرير، ويوسف بن قحطبة، وعباد بن العوام، وإسماعيل بن علية، وحجاج بن محمد الأعور.
وروى عنه: أبو حذيفة إسحاق بن بشر، - وهو أسن منه - ويحيى بن أكثم القاضي، وابنه الفضل بن المأمون، ومعمر بن شبيب، وأبو يوسف القاضي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، وأحمد بن الحارث الشعبي - أو اليزيدي -، وعمرو بن مسعدة، وعبد الله بن طاهر بن الحسين، ومحمد بن إبراهيم السلمي، ودعبل بن علي الخزاعي.
قال: وقدم دمشق مرات وأقام بها مدة.
ثم روى ابن عساكر، من طريق أبي القاسم البغوي، حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي، قال: سمعت المأمون في الشماسية وقد أجرى الحلبة فجعل ينظر إلى كثرة الناس، فقال ليحيى بن أكثم: أما ترى كثرة الناس؟
قال: حدثنا يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس، أن النبي ﷺقال: "الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إليه أنفعهم لعياله".
ومن حديث أبي بكر المنايحي، عن الحسين بن أحمد المالكي، عن يحيى بن أكثم القاضي، عن المأمون، عن هشيم، عن منصور، عن الحسن، عن أبي بكرة، أن رسول الله ﷺقال: "الحياء من الإيمان".
تولى المأمون الخلافة في المحرم لخمس بقين منه بعد مقتل أخيه سنة ثمان وتسعين ومائة، واستمر في الخلافة عشرين سنة وخمسة أشهر.
وقال ابن أبي الدنيا: كان المأمون أبيض ربعة حسن الوجه قد وخطه الشيب يعلوه صفرة أعين، طويل اللحية رقيقها ضيق الجبين، على خده خال.
أمه أم ولد يقال لها: مراجل.
وروى الخطيب، عن القاسم بن محمد بن عباد، قال: لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء غير عثمان بن عفان والمأمون، وهذا غريب جدا لا يوافق عليه، فقد كان يحفظ القرآن عدة من الخلفاء.
قالوا: وقد كان المأمون يتلو في شهر رمضان ثلاثا وثلاثين ختمة، وجلس يوما لإملاء الحديث فاجتمع حوله القاضي يحيى بن أكثم وجماعة فأملى عليهم من حفظه ثلاثين حديثا.
ولكن كان فيه شهامة عظيمة وقوة جسيمة في القتال وحصار الأعداء ومصابرة الروم وحصرهم، وقتل رجالهم وسبي نسائهم، وكان يقول: كان لعمر بن عبد العزيز وعبد الملك حجَّاب وأنا بنفسي.
وكان يتحرى العدل ويتولى بنفسه الحكم بين الناس والفصل.
وقبل وفاته أوصى المأمون إلى أخيه المعتصم بالخلافة وكتب وصيته بحضرته وبحضرة ابنه العباس وجماعة القضاة والأمراء والوزراء والكتاب.
وفيها: القول بخلق القرآن ولم يتب من ذلك بل مات عليه وانقطع عمله وهو على ذلك لم يرجع عنه ولم يتب منه، وأوصى أن يكبر عليه الذي يصلى عليه خمسا، وأوصى المعتصم بتقوى الله عز وجل والرفق بالرعية، وأوصاه أن يعتقد ما كان يعتقده أخوه المأمون في القرآن، وأن يدعو الناس إلى ذلك، وأوصاه بعبد الله بن طاهر، وأحمد بن إبراهيم، وأحمد ابن أبي داود.
وقال: شاوره في أمورك ولا تفارقه، وإياك ويحيى بن أكثم أن تصحبه، ثم نهاه عنه وذمه وقال: خانني ونفَّر الناس عني ففارقته غير راض عنه.
ثم أوصاه بالعلويين خيرا، أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، وأن يواصلهم بصلاتهم في كل سنة.