يعرف المؤرخ الكبير عبد الرحمن الجبرتى كواحد من أهم المؤرخين، ؤرخ مصري عاصر الحملة الفرنسية على مصر ووصف تلك الفترة بالتفصيل في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» والمعروف اختصاراً بـ«تاريخ الجبرتي» والذي يعد مرجعاً أساسياً لتلك الفترة الهامة من الحملة الفرنسية.
وعاصر “الجبرتي” فترة عصيبة أخرى عقب رحيل الحملة الفرنسية، شاعت فيها الاضطرابات الداخلية وصراعات المماليك للسيطرة، وتمردهم على “الدولة العثمانية” وولاتها وتفكك نفوذها، وثورة المصريين على الوالي العثماني خورشيد، وتنصيبهم لـ”محمد علي”، واليا للبلاد (1805م)، وبعدها حملة فريزر الإنجليزية (1807م)، التي نالت هزيمة قاسية في مدينة رشيد شمال البلاد.
“الجبرتي” دون شهادته كاملة، في كتابه “عجائب الآثار” (تاريخ الجبرتي)، في أربعة أجزاء، وجاء كتابه هذا مرجعا وحيدا وفريدا للفترة الممتدة من عام 1788 حتى عام 1821م، ويوصف بأنه أهم مؤلفاته، واستغرق تدوينه 15 عاما، وشرع في الكتابة عام 1811م، أي بعد نحو عشر سنوات من رحيل الحملة الفرنسية، وأربعة أعوام من انسحاب حملة فريزر.
الباحثون والمؤرخون فى السابق كانوا ينظرون بشئ من القداسة إلى كتاب عبد الرحمن الجبرتي، لكن يبدو أن دراسات حديثة، شككت في تأريخ الراحل، وبحسب كتاب "إعادة كتابة تاريخ الحملة البريطانية على مدينة رشيد المصرية 1807 في ضوء وثائق الأرشيف البريطاني" لأستاذ التاريخ الدكتور أحمد درويش، فأن الجبرتي لم يقدم الرواية الصحيحة لـ”معركة رشيد”، ومما صححه أنه أزال عن الإسكندرية ما علق بها من عار استسلام حاكمها أمين أغا، وتسليمها بلا قتال، وتواطؤ العثمانيين مع الإنجليز، وتخاذل الوالي العثماني محمد علي في الدفاع عن رشيد، رغم نسبة النصر إليه.
وبحسب الكتاب سالف الذكر، فأن كتاب عجائب الآثار لا يعد كتابا تاريخيا، فهو مجرد روايات ضعيفة، ومذكرات وروايات قيَّد المؤلف شواردها، بغير ترتيب ولا تنسيق، فالجبرتي يعتبر ظاهرة من الظواهر التاريخية التي ليس لها تفسير واضح، لا سيما أن الكتابة التاريخية قد تدهورت في تلك الفترة.