وقعت فى زمن الخليفة العباسي المعتصم، العديد من الأحداث، فهو يعد من الخلفاء العباسيين الأقوياء، فما الذي جرى، وما الذي يقوله التراث الإسلامي؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "ثم دخلت سنة إحدى وعشرين ومائتين":
فيها: كانت وقعة هائلة بين بغا الكبير وبابك فهزم بابك بغا وقتل خلقا من أصحابه.
ثم اقتتل الأفشين وبابك فهزمه أفشين وقتل خلقا من أصحابه بعد حروب طويلة قد استقصاها ابن جرير.
وحج بالناس فيها نائب مكة محمد بن داود بن عيسى بن موسى العباسي.
وفيها توفي: عاصم بن علي، وعبد الله بن مسلم القعنبي، وعبدان، وهشام بن عبيد الله الرازي.
ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين ومائتين
فيها: جهز المعتصم جيشا كثيرا مددا للأفشين على محاربة بابك، وبعث إليه ثلاثين ألف ألف درهم نفقة للجند، فاقتتلوا قتالا عظيما، وافتتح الأفشين البذ مدينة بابك واستباح ما فيها، وذلك يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان.
وذلك بعد محاصرة وحروب هائلة وقتال شديد وجهد جهيد.
وقد أطال ابن جرير بسط ذلك جدا ً.
وحاصل الأمر أنه افتتح البلد وأخذ جميع ما فيه من الأموال مما قدر عليه.
ذكر مسك بابك
لما احتوى المسلمين على بلده المسمى: بالبذ وهي دار ملكه ومقر سلطته هرب بمن معه من أهله وولده ومعه أمه وامرأته، فانفرد في شرذمة قليلة ولم يبق معهم طعام، فاجتازوا بحراث فبعث غلامه إليه وأعطاه ذهبا فقال: أعطه الذهب وخذ ما معه من الخبز.
فنظر شريك الحراث إليه من بعيد وهو يأخذ منه الخبز، فظن أنه قد اغتصبه منه، فذهب إلى حصن هناك فيه نائب للخليفة يقال له: سهل بن سنباط ليستعدي على ذلك الغلام، فركب بنفسه وجاء فوجد الغلام فقال: ما خبرك؟
فقال: لاشيء، إنما أعطيته دنانير وأخذت منه الخبز.
فقال: ومن أنت؟
فأراد أن يعمي عليه الخبر فألح عليه فقال: من غلمان بابك.
فقال: وأين هو؟
فقال: هاهو ذا جالس يريد الغداء.
فسار إليه سهل بن سنباط فلما رآه ترجل وقبل يده وقال: يا سيدي أين تريد؟
قال: أريد أن أدخل بلاد الروم.
فقال: إلى عند من تذهب أحرز من حصني وأنا غلامك وفي خدمتك؟
وما زال به حتى خدعه وأخذه معه إلى الحصن فأنزله عنده وأجرى عليه النفقات الكثيرة والتحف وغير ذلك، وكتب إلى الأفشين يعلمه، فأرسل إليه أميرين لقبضه، فنزلا قريبا من الحصن، وكتبا إلى ابن سنباط فقال: أقيما مكانكما حتى يأتيكما أمري.
ثم قال لبابك: إنه قد حصل لك هم وضيق من هذا الحصن وقد عزمت على الخروج اليوم إلى الصيد ومعنا بزاة وكلاب، فإن أحببت أن تخرج معنا لتشرح صدرك وتذهب همك فافعل.
قال: نعم !
فخرجوا وبعث ابن سنباط إلى الأميرين أن كونوا مكان كذا وكذا في وقت كذا وكذا من النهار، فلما كانا بذلك الموضع أقبل الأميران بمن معهما من الجنود فأحاطوا ببابك وهرب ابن سنباط، فلما رأوه جاؤوا إليه فقالوا: ترجل عن دابتك.
فقال: ومن أنتما؟
فذكرا أنهما من عند الأفشين، فترجل حينئذ عن دابته وعليه دراعة بيضاء وخف قصير وفي يده باز، فنظر إلى ابن سنباط فقال: قبحك الله فهلا طلبت مني من المال ما شئت كنت أعطيتك أكثر مما يعطيك هؤلاء !
ثم أركبوه وأخذوه معهما إلى الأفشين، فلما اقتربوا منه خرج فتلقاه وأمر الناس أن يصطفوا صفين، وأمر بابك أن يترجل فيدخل بين الناس وهو ماش، ففعل ذلك، وكان يوما مشهودا جدا، وكان ذلك في شوال من هذه السنة، ثم احتفظ به وسجنه عنده، ثم كتب الأفشين إلى المعتصم بذلك فأمره أن يقدم به وبأخيه، وكان قد مسكه أيضا.
وكان اسم أخي بابك: عبد الله، فتجهز الأفشين بهما إلى بغداد في تمام هذه السنة ففرغت ولم يصل بهما إلى بغداد.
وحج بالناس فيها الأمير المتقدم ذكره في التي قبلها.
وفيها توفي: أبو اليمان الحكم بن نافع، وعمر بن حفص بن عياش، ومسلم بن إبراهيم، ويحيى بن صالح الوحاظي.