نلقى الضوء على كتاب "تقييم برامج نزع الراديكالية وإزالة التّطرف: المبادرات الأهليّة والرسميّة" والصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، لاستكشاف حزمة نماذج وتجارب لدول عربية وأوروبية وآسيوية ومنظّمات أهليّة لبنانيّة وأميركيّة، صممت برامج خاصة لنزع التّطرف، واستعانت بخبراء من تخصّصات عدّة، وبشهادات وتجارب متطرفين سابقين تعافوا من الإرهاب، وساهم بعضهم في تصميم برامج خاصة لنزع التّطرف، ومكافحة الراديكالية.
يكمل الكتاب دراسة برامج مكافحة التّطرف، وتقييم دور التائبين في خلق فهم دقيق لشخصيات المتطرّفين، ويحفّز بناء نُهجٍ دقيقة لمعالجة الأسباب الكامنة، وتأمين قنوات حوارٍ نفسية وفكرية، كما يتناول تقييمًا للبرامج المتباينة لدى بعض الدول، التي اختلطت، بين تجارب تبنّتها أجهزة ردعية؛ ورسمتها، وأخرى اشتركت فيها مرجعيّات نفسية ودينية، وثالثة دخل فيها التّحفيز والتّرغيب، من حيث العناصر؛ أما من جهة الآماد فانقسمت إلى استراتيجيّة دائمة، وأخرى اتصفت بالوقتيّة، ومتابعة الخطر الراهن، لتحيّيده.
بدأ الكتاب، بدراسةٍ وضّحت الإطار المفاهيمي لممارسات نزع التطرف، لخّصت فيه أبرز استراتيجيات إعادة التأهيل، وعرضت الدروس المستفادة من برامج وممارسات نزع التّطرف، مع التركيز على مسألة المقاتلين الأجانب المُلِحّة، وطرق التّعامل معهم، وقيّمت مبدأ إعادة الإدماج نفسه، وتبيين مخاطر انتكاس التائبين من التّطرف والراديكالية، بناءً على دراسات إحصائية، أكّدت أن العودة إلى التطرف واردة، لكنها مرتبطة بالبرامج نفسها، وارتباطها بالرّكائز النفسيّة والاجتماعيّة، وإدراك العمق المجتمعي، ومساهمة فريق مُتخصّص في إعادة التأهيل الدّيني في عمليّات الإدماج، فنجاح البرامج يبدأ من لحظة الإعداد لها، بجرد الظّروف التي تكون المجتمعات بموجبها مستعدّة لقبول "السابقين"، والجهود المتطلّبة منهم.
وزعمت الدّراسة أن المرونة القضائيّة مهمة، لاستيعاب حلٍّ يمكن أن يُحاكي "العدالة الانتقالية" لتلافي التعقيدات القانونية! كما زعمت أن استخدام ألفاظ تنفي الوصمة عن "المتطرف السابق" يسهم في تقبل المجتمع له، لتسكينه في خانة طبيعية، فالاستراتيجيات يجب أن تصمم خصيصًا لاحتياجات المجتمع ووجهات نظره، وقدرته على استيعاب العائدين أو نبذهم.
في أنموذجٍ حديث، لصناعة مشاريع مرتبطة بالمجتمع، ووقايته من معزّزات الراديكالية والتطرف، اختبرت دراسة صناعة الرّواية المضادة لكسر الهُويّة الإعلامية التي ترسخها المنظّمات المتطرّفة، فأخذت مكافحة داعش أنموذجًا، وتفحّصت نماذج في جملة من البلدان، منها: جمهورية ترينيداد وتوباغو، بينما سردت دراسة سيرة (270) منشقًّا وعائدًا وسجينًا، انتموا سابقًا لداعش، فحدّدت المسارات التي اتّبعوها لدخول التنظيم والخروج منه. وبعد ذلك ناقشت استراتيجية ونتائج مشروع الوقاية من التّطرف على الإنترنت، بنشر مقاطع فيديو لرواية مضادّة تظهر أعضاء في داعش، يتحدّثون صراحة ضدّ التنظيم على الفيسبوك ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى.