عقب نهاية الحرب العظمى، التى أطلق عليها لاحقا اسم الحرب العالمية الأولى، بدأت فكرة تنظيم أول نسخة من المونديات تكتسب مزيدا من القوة بفضل الدفعة التى كانت من جهة جول ريميه، فقد كان القيادى الفرنسى الذى ترأس فيفا منذ عام 1921 على اقتناع بأن كرة القدم قادرة على دعم مبادئ السلام الدائم الحقيقية، وبعد شد وجذب، تقرر فى الثامن من سبتمبر عام 1928، فى زيورخ تحديد موعد أول مونديال فى عام 1930، وبعدها بعام تقريبا، أى فى الثامن عشر من مايو عام 1929، قدمت إسبانيا وإيطاليا والسويد وهولندا والمجر وأوروجواى ملفات ترشحها لاستضافة الحدث فى مؤتمر برشلونة.
يخبرنا كتاب "أغرب الحكايات فى تاريخ المونديال" وهو من إعداد لوثيانو بيرنيكى، والذى نقله إلى اللغة العربية المترجم المصرى محمد الفولى، والصادر عن دار مسعى للنشر، أن البلد اللاتينى كان المرشح الأوفر حظا بعد تتويجه بآخر نسختين من الألعاب الأولمبية ولامتلاكه أفضل المصادر المالية، إذ عرض تولى مصاريف انتقال كافة البعثات وإقامتها وهو الأمر الذى عجزت عنه دول القارة العجوز، التى كانت تمر بأزمة اقتصادية حادة، بالإضافة إلى نيل الأوروجواى دعم مبعوثى الدول الأمريكية فى مقابل انقسام ممثلى أوروبا، وهم الأغلبية، أمام المرشحين الخمسة.
وبخلاف هذا، فقد كان ينظر بشكل جيد إلى أن البطولة ستمثل جانبا من الاحتفالات بمئوية استقلال أوروغواى. تقول الصحف الإخبارية فى تلك الفترة إن التعامل الدبلوماسى من جهة مبعوث أوروجواي إنريكى بويرو، إلى جانب حماس نظيره الأرجنتينى أدريان بيكار باريلا، لعب دورا حاسما فى المسألة، ففى البداية أقنع ممثلى السويد وهولندا والمجر بالانسحاب، وبعد ذلك أقنع الإسبانين والإيطالين بالتنجى وإفساح الطريق أمام ملف البلد اللاتينى بحجة أن أوروجواى تضم جالية إسبانية وإيطالية كبيرة ستدعم الفريقين.
وفى نهاية الأمر، منحت أوروجواى شرف أن تكون أول بلد ينظم كأس العالم، حتى قال بويرو فى تصريحاته لصحيفة "لاناثيون" الصباحية: "إن قرار كونجرس "فيفا" اختيار مونتفيديو مقرا لأول بطولة من كأس العالم سمح بالكشف عن المشاعر الموحدة بين مختلف دول القارة الأمريكية التى دعمت – وعلى رأسها الأرجنتين – مقترح اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم بحماس وحرارة.. لقد قدمنا مثالا يحتذى به على التضامن القاري". وهكذا بدأت قصة بطولات كأس العالم فى التشكل.