كان نقل مسلة الأقصر من مصر إلى باريس أحد أعظم انتصارات الهندسة في أوائل القرن التاسع عشر فلم تغادر مصر أي مسلة بهذا الحجم فقد بلغ وزنها "مائتان وخمسون طنًا" ووقعت مهمة إحضارها على عاتق المهندس الشاب أبولينير ليباس وهو ما يحكيه في كتاب "مسلة الأقصر ورحلتها إلى باريس" الذى يعتبر حكاية مغامرات وإثارة ودراما، لكنها قصة غير معروفة على نطاق واسع للعالم.
أصيب فريق ليباس بالطاعون، وكان عليهم الانتظار أربعة أشهر حتى يرتفع النيل لتمر سفينتهم على الشاطئ، لكن في النهاية، أبحرت السفينة من الأقصر ، بحمولتها الثمينة على متنها ، عبر نهر النيل، وفي 25 أكتوبر 1836 ، وسط مائتي ألف من الباريسيين المبتهجين رفع ليباس مسلته وحصل على مكافأة رائعة من قبل ملكه وضُربت ميدالية باسمه.
لكن لماذا أعطيت مسلة الأقصر لفرنسا؟ في عام 1830 قرر محمد علي باشا تقديم المسلتين الواقفتين أمام معبد الأقصر إلى الملك شارل العاشر ملك فرنسا وقد كانت بادرة صداقة وامتنان لفك شامبليون رموز الهيروغليفية وقد ارتبطت المسلتان بإله الشمس المصري، فكانا يمثلان أشعة الضوء.
بالنسبة للمصريين القدماء كانت المسلة نصبًا تقديريًا لإحياء ذكرى الموتى وتمثيل ملوكهم وتكريم آلهتهم، وكانت هذه الآثار تمثيلية من حيث الهيكل والترتيب، حيث كانت بمثابة آثار ذات بنية كاملة من ناحية الفهم.
ويعتبر معبد الأقصر الذى استقرت أمامه المسلتان قبل أخذهما إلى فرنسا من المعابد المصرية القديمة المعروفة حيث يقع على الضفة الشرقية لنهر النيل في مدينة الأقصر اليوم المعروفة باسم، تأسس سنة 1400 قبل الميلاد، وقد شُيد معبد الأقصر لعبادة آمون رع وزوجته موت وابنهما خونسو؛ وهي الأرباب التي يطلق عليها أيضا الثالوث الطيبي.