الخديوي توفيق، نجل الخديوي إسماعيل، سادس حكام مصر من الأسرة العلوية. وهو خديوي مصر والسودان خلال الأعوام 1879-1892م، ولدولد في 15 نوفمبر عام 1852.
ورغم أن توفيق كان في بداياته وقبل وصوله للحكم من ندماء جمال الدين الأفغاني وصادق رجال الحزب الوطني القديم وكانت له علاقة بعدد من الإصلاحيين وأصحاب الفكر الداعين إلى إقامة حياة شورية دستورية في ذلك الوقت ومنهم سليم النقاش ومحمد عبده وعبد الله النديم، إلا أنه انقلب عليهم بعد وصوله للحكم، حيث استشعر الخديوي توفيق الخوف من النفوذ الأوروبي، منذ بداية حكمه؛ إذ إن خلع والده، أفهمه أن خير وسيلة إلى المحافظة على عرشه، هي التماشي مع مطالب إنجلترا وفرنسا.
من العوامل المباشرة التى أدت لتوتر العلاقة بين الشعب المصرى وجماعة المثقفين المصريين وبين الخديوى توفيق، هى زيادة النفوذ الأوروبي، وحماية حقوق الأجانب واستشراء ذلك النفوذ، وتدرُّجه من "لجنة صندوق الدين"، إلى "المراقبة الثنائية"، فإلى "وزيرَين أجنبيَّين" في الوزارة المصرية، ثم إعادة نظام المراقبة الثنائية، في عهد الخديوي توفيق؛ وصدور قانون "التصفية"، وإلغاء دين المقابلة، الذي أثار أعيان المصريين وكبار ملاّكهم.
بالإضافة إلى ذلك الضرائب الباهظة، التي كان يدفعها الفلاحون، لاستيفاء أقساط الديون؛ وسوء أوضاع الموظفين، من إنقاص رواتبهم وتأخر صرفها، وعدم مساواتهم بالموظفين الأوروبيين؛ وإنقاص عدد الجيش إلى 12 ألف جندي؛ لتوفيرمال الديون. فالثورة العرابية، إذاً، كانت ثورة على التدخل الأجنبي في شؤون مصر، والذي بدأ بتدخل اقتصادي، ثم تحول إلى تدخل سياسي سافر؛ وهو ما كان يُعَد استهانة بالكرامة الوطنية. ولذلك، طالب عرابي بزيادة عديد الجيش، ليبلغ 18ألفاً، وفقاً للفرمانات السلطانية؛ إيماناً منه ومن قادة الثورة، أنه لا بدّ من جيش قوي، لمواجهة إنجلترا وفرنسا.
وكان ذلك وراء تذمر المصريون على نظام الحكم القائم، ورغبوا في التخلص منه؛ لاضطهادهم والاستبداد بهم. فلا عدل، ولا قانون؛ وإنما ضرب بالسياط؛ لتحصيل الأموال، أو للقمع والتعذيب؛ على الرغم من أن رياض باشا أبطل استخدامها، إلاّ أن أوامره لم تنفذ تنفيذاً تاماً. وكانت السخرة مفروضة على البلاد. ولم تكن مقصورة على المنافع والأعمال العامة، بل تعدتها إلى استصلاح أطيان ذوي السلطة والجاه، من الحكام والأمراء.
وأدرك المصريون المثقفون، أن إصلاح النظام، يكون بوضع دستور، وإنشاء مجلس نيابي، يوطد مبادئ العدل والحرية، ويراقب الحكام، ويحول دون ارتكاب المظالم. وشاركهم في رؤيتهم الضباط الوطنيون. وسارع رياض باشا إلى معارضة إنشاء مجلس نواب. وانحاز انحيازاً تاماً إلى النفوذ الأوروبي. وأصر على قمع كلّ معارضيه، من صحفيين وأعيان. وعقدت الاجتماعات السرية في منزل محمد سلطان باشا؛ لتنظيم الحزب الوطني. وقويت الروابط بين منظميه، وفي مقدمتهم سلطان باشا وأحمد عرابي وعبدالعال حلمي وعلي فهمي ومحمود سامي البارودي.