تمر اليوم الذكرى الـ 214 على قيام القوات الإنكشارية العثمانية بالتمرد ضد السلطان محمود الثاني بعد محاولته القضاء عليها، وذلك في 17 نوفمبر عام 1808م، وهم طائفة عسكرية من المشاة العثمانيين، يشكلون تنظيمًا خاصًا، لهم ثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أقوى فرق الجيش العثمانى وأكثرها نفوذًا، ولا يعرف على وجه الدقة واليقين وقت ظهور هذه الفرقة، فقد أرجعها بعض المؤرخين إلى عهد "أورخان الثانى" سنة (724هـ=1324م) على أن هذه الفرقة اكتسبت صفة الدوام والاستمرار فى عهد السلطان مراد الأول سنة (761هـ=1360م)، وكانت قبل ذلك تسرّح بمجرد الانتهاء من عملها.
كان هؤلاء الجنود يتم اختيارهم فى سن صغيرة معظمهم من أسرى الحروب أو عبر شرائهم بالمال، وكانت الدولة تحرص على منع اتصال الإنكشارية بأقربائهم، وتفرض عليهم فى وقت السلم أن يعيشوا فى الثكنات، التى لم تكن تحوى فقط أماكن النوم لضباطهم وجنودهم، بل كانت تضم المطابخ ومخازن الأسلحة والذخائر وكافة حاجاتهم المدنية.
والحقيقة أن تاريخ الإسلامي شهد العديد من الجماعات المتطرفة المسلحة، التي حاولت الخروج على السلطة، وشاعت القتل في البلاد الإسلامية، ومن أشهر تلك الجماعات:
الخوارج
هى فرقة خرجت أواخر عهد الخليفة الراشدي عثمان بن عفان، أطلقوا على أنفسهم بـ "أهل الأيمان"، وعرفوا بالخوارج بعد الخروج على الإمام على بن أبى طالب، بعد معركة صفين سنة 37هـ؛ لرفضهم التحكيم بعد أن عرضوه عليه، وقد ارتبط الخوارج على مدى تاريخهم بالمغالاة في معتقداتها الدينية وبالتكفير والتطرف.
وبحسب كتاب "الخوارج عقيدة وفكرا وفلسفة" للدكتور عامر النجار، فالخوارج قد يسمون بالحرورية نسبة إلى حروراء، وهى القرية التي خرجوا إليها، وسموا بالمحكمة، أى الذين يقولون لا حكم إلا الله، موضحا أن أول من خرج منهم على أمير المؤمنين الإمام على كان الأشعث بن قيس الكندي، ومسعر بن فدكي التميمي، وزيد بن حصين الطائي، فيما خرج على يوم التحكيم: "عبد الله بن الكواء، وعتاب بن الأعور، وعبدالله بن وهب الراسبي، وعروة بن جرير، ويزيد بن عاصم المحاربي، وحرقوص بن زهير المعروف بذي الثدية، وهؤلاء هم المُحكمة، الذين قالوا للإمام على: إن كنت تعلم أنك الإمام حقا فلم أمرتنا بالمحاربة، ثم انفصلوا عنه لهذا السبب وكفّروا عليّا ومعاوية بن أبى سفيان.
ويصف الكتاب بأن الخوارج كان من أشد الفرق الإسلامية جرأة واندفاعا وتهور، وعرف عنهم أيضا التشديد في العبادة، ويرى المؤلف أن الخوارج هم اول حزب سياسي تكون في الدولة الإسلامية بعد موقعة صفين.
الحشاشين
طائفة الحشاشين أوالحشاشون هى طائفة إسماعيلية نزارية، انفصلت عن الفاطميين فى أواخر القرن الخامس هجرى، الحادى عشر ميلادى لتدعو إلى إمامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء مِن نسله.
وكما يذكر كتاب "نقطة الصفر" لـ ناريك ماليان، فإن طائفة الحشاشين هى طائفة إسماعيلية نزارية، اشتهرت بين القرنين الخامس والسابع الهجريين، وكانت معاقلهم الأساسية فى بلاد فارس وفى الشام، أسس الطائفة الحسن بن الصباح الذى اتخذ من قلعة آلموت مركزا لنشر دعوته، واتخذ من القلاع الحصينة فى قمم الجبال معقلا لنشر الدعوة الإسماعيلية النزارية فى إيران والشام، مما أكسبها عداء شديد مع الخلافة العباسية والفاطمية والسلطنات الكبرى كالسلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين بالإضافة إلى الصليين، وكانت الاستراتيجية العسكرية تعتمد على الاغتيالات التى يقوم بها "فدائيون" يلقون الرعب قلوب الحكام والأمراء، وتمنكوا من اغتيال بعض الشخصيات المهمة مثل الوزير السلجوقى نظام الملك والخليفة العباسى المسترشد والراشد وملك بيت المقدس كونراد.
القرامطة
فرقة سميت بهذا الاسم نسبة إلى الدولة القرمطية التى انشقت عن الدولة الفاطمية، وقامت إثر ثورة اجتماعية وأخذت طابعا دينيا، وكان مقر دولتهم بمحافظة الأحساء الحالية فى شرق السعودية.
وبحسب كتاب "تاريخ الدولة الفاطمية" للدكتورة إيناس محمد البهيجى، فإن القرامطة طائفة سياسية دينية عرفت بذلك الاسم نسبة إلى أحد دعاتها: حمدان الأشعث الملقب بـ"قرمط"، وكانوا جزءا من الدولة الفاطمية فى البداية، وأرتبطوا معهم بعلاقات وثيقة بادئ الأمر، لكنها انقلبت إلى دموية لاحقا، ويذكر الكتاب أن القرمطة هم فى الأصل منشقين عن الحركة الإسماعيلية، واعتقدوا بعودة الإمام محمد بن إسماعيل فى صورة المهدى المنتظر، وظنوا بأن الإمام عبيد الله المهدى خدعهم، فأوقفوا الدعوة له، وعارضوا مسألة العصمة، وكان القرامطة يبيحون سفك دماء خصومهم، فأثاروا الرعب والإرهاب فى البصرة والأحواز خلال ثورة الزنج.