توالت الأحداث في زمن الخليفة المعتصم، فقد اتسعت الدولة الإسلامية وترامت أطرافها، وبالتالي ظهر الكثير من الفتن والأزمات، فما الذي يقوله التراث الإسلامي؟.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "ثم دخلت سنة أربع وعشرين ومائتين":
فيها: خرج رجل بآمل طبرستان يقال له: مازيار بن قارن بن يزداهرمز، وكان لا يرضى أن يدفع الخراج إلى نائب خراسان عبد الله بن طاهر بن الحسين، بل يبعثه إلى الخليفة ليقبضه منه، فيبعث الخليفة من يتلقى الحمل إلى بعض البلاد ليقبضه منه ثم يدفعه إلى ابن طاهر، ثم آل أمره إلى أن وثب على تلك البلاد وأظهر المخالفة للمعتصم.
وقد كان المازيار هذا ممن يكاتب بابك الخرَّمى ويعده بالنصر.
ويقال: إن الذى قوَّى رأس مازيار على ذلك الأفشين ليعجز عبد الله بن طاهر عن مقاومته فيوليه المعتصم بلاد خراسان مكانه.
فبعث إليه المعتصم محمد بن إبراهيم بن مصعب - أخا إسحاق بن إبراهيم - فى جيش كثيف فجرت بينهم حروب طويلة استقصاها ابن جرير، وكان آخر ذلك أسر المازيار وحمله إلى ابن طاهر، فاستقره عن الكتب التى بعثها إليه الأشفين فأقر بها، فأرسله إلى المعتصم وما معه من أمواله التى احتفظت للخليفة، وهى أشياء كثيرة جدا، من الجواهر والذهب والثياب.
فلما أوقف بين يدى الخليفة سأله عن كتب الأفشين إليه فأنكرها، فأمر به فضرب بالسياط حتى مات وصلب إلى جانب بابك الخرَّمى على جسر بغداد، وقتل عيون أصحابه وأتباعه.
وفيها: تزوج الحسن بن الأفشين بأترجة بنت أشناس ودخل بها فى قصر المعتصم بسامرا فى جمادى، وكان عرسا حافلا، وليه المعتصم بنفسه، حتى قيل: إنهم كانوا يخضبون لحا العامة بالغالية.
وفيها: خرج منكجور الأشروسنى قرابة الأفشين بأرض أذربيجان وخلع الطاعة، وذلك أن الأفشين كان قد استنابه على بلاد أذربيجان حين فرغ من أمر بابك، فظفر منكجور بمال عظيم مخزون لبابك فى بعض البلدان، فأخذه لنفسه وأخفاه عن المعتصم وظهر على ذلك رجل يقال له: عبد الله بن عبد الرحمن فكتب إلى الخليفة فى ذلك فكتب منكجور يكذبه فى ذلك، وهم به ليقتله فامتنع منه بأهل أردبيل.
فلما تحقق الخليفة كذب منكجور بعث إليه بغا الكبير فحاربه وأخذه بالأمان وجاء به إلى الخليفة.
وفيها: مات مناطس الرومى نائب عمورية، وذلك أن المعتصم أخذه معه أسيرا فاعتقله بسامرا حتى مات فى هذه السنة.