تمر، اليوم، ذكرى قيام البابا أوربان الثانى بدعوة الأوروبيين إلى القيام بحملات عسكرية على الشرق العربى، لحمايةالمقدسات المسيحية، والتى أصبحت فيما بعد تعرف بالحملات الصليبية.
وكانت الحرب الصليبية لها دوافعها الدفينة عند أوربان الذى تولى البابوية، وجلس على كرسى الفاتيكان بين عامى "1088- 1099م"، بل إن الظروف ربما لن تسعفه مرة أخرى إذا ما تأخر قليلا، فإلى جانب استعادة سلطة الكنيسة العسكرية والسياسية على كامل أوروبا، سيكون بمقدورها ضمان الأموال لها ولأوروبا الفقيرة عبر ثروات الشرق، كما أن البابا لا يريد أن تتمكن بعض الدول الإسلامية الناشئة مثل السلاجقة في العراق والشام، والمرابطين في المغرب في تكوين قوى جديدة تنقض على أوروبا.
ورأى البابا أن الفرصة سانحة لضم الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية إلى كنيسته الكاثوليكية تحت كرسيه، بالإضافة إلى أنه لن يضره شيئا إذا ما تعرضت الجيوش الأوروبية للهزيمة، وقتل الآلاف من شعبه نظير تلك الأهداف النبيلة التى سيعلنها فى خطابه.
فى 19 نوفمبر عام 1095 دعا البابا أوربانوس الثاني مجلس كليرمون للانعقاد لمناقشة إرسال حملة إلى الأراضي المقدسة، وكان ذلك بداية لانطلاق الحملات الصليبية وبداية الصراع الحقيقى بين الغرب والشرق، والحروب الصليبية الطويلة التى استمرت إلى عصور متقدمة.
البابا أوربانوس الثانى لم يكتف بدوره فى سفك الدماء فقط، وإشعال شرارة الحرب بين الغرب والشرق تحت لواء المسيح وحماية الدين، لكن اخترع الرجل أيضا صكوك المغفرة ودخول الجنة، من أجل بث الحماس فى قلوب الفقراء، للمشاركة فى الحرب المقدسة كما كان يسميها، ليكون ذلك التاريخ أيضا إيذانا ببدء ما يسمى تاريخيا "صكوك الغفران".
وقد سهل استنجاد إمبراطور الدولة البيزنطية الكسيوس كومنين بالبابا من هجوم السلاجقة المسلمين على القسطنطينية خاصة بعد أن أوقعوا بالدولة البيزنطية هزيمة مروعة فى موقعة "ملاذ كرد" عام 463هـ / 1071 بقيادة السلطان ألب أرسلان، كادت أن تفضى بزوال الإمبراطورية، وهنا أدرك أوربان، أن بيزنطة لم تعد قادرة على حماية المسيحية والصليب، وبالتالى لابد من تدخل الكنيسة لحماية أوروبا.