تمر فى تلك الأيام الذكرى الـ1137 على بدء حصار الفايكينجلباريس، وهو واحد من عدة حصارات قامت بها قبائل الفايكينج للعاصمة الفرنسية، إذ بدء الحصار فى 25 نوفمبر عام 885م، واستمر لما يقرب من عام، وانتشرت الفايكنج فى مناطق واسعة من أوروبا.
يُعرف "الفايكينج" أو ما يعرف بشعوب البحر، بأنهم العناصر الشمالية التى سكنت شبه الجزيرة الإسكندنافية وشبه جزيرة الدنمارك، والتى اتخذت غاراتها شكلاً خطيرًا فى القرن التاسع الميلادى، ومعنى الفايكينج أى سكان الخلجان أو الفيوردات وهى الظاهرة الطبيعية التى تمتاز بكثرتها شواطئ الجهات الشمالية الغربية من أوروبا، وكانت تلك القبائل تخرج فى غزوات متوحشة إلى البقاع الأوروبية تقتل وتغتصب وتسرق وتحتل".
ونفذ الفايكنج أربع غارات مستهدفين مدينة باريس وعاشوا فيها نهباً وسلباً وتدميراً وفى كل مرة كانوا يصلون إليها بسفنهم ليلاً عبر نهر السين، وأمام هذا الغزو المتكرر اضطر الملوك الفرنسيون إلى دفع مبالغ طائلة مقابل انسحاب هؤلاء الغزاة من العاصمة وفى العام 885 هاجم نحو 30 ألف رجل من رجال الشمال الفايكنج باريس وحاصروها حصاراً شديداً مما اضطر ملك فرنسا إلى وضع 700 جنيه من الذهب لرجال الشمال كى يتركوا العاصمة، وبالفعل وافق هؤلاء لكنهم استقروا فى النهاية فى منطقة النورماندى المعروفة وأصبحوا يعرفون بالنورمانديين.
والفايكنج وصلوا إلى باريس فى عيد الفصح، ودخلوا المدينة ونهبوها، خلال الحصار، تفشى الطاعون فى معسكرهم، ولم يتمكن الفرنجة من تجميع أى دفاع فعال ضد الغزاة، وانسحب الفايكنج فقط بعد أن حصلوا على فدية قدرها 7000 ليفر (جنيه إسترليني) من الفضة والذهب من تشارلز الأصلع، تصل إلى ما يقرب من 2570 كيلوغرام (5670 رطلا).
غزو إنجلترا
يرى المؤرخون أن الفايكنج وصلوا إلى إنجلترا لأول مرة في العام 787م وذلك حين قاموا بالإغارة على ساحل دورسيت ومن ثم إقليم نورثمبريا، وتذكر إحدى الأساطير التي انتشرت في ذلك الوقت أنه كانت هناك زوابع وبروق كثيرة وشوهدت مخلوقات تشبه التنين تطلق النيران وتطير في الهواء، ولم يبدأ الفايكنج بالاستقرار في إنجلترا إلا بعد حوالي 80 عاماً من ذلك التاريخ حيث تمكنوا من إخضاع إقليمي نورثمبريا ومرسيا وكذلك إقليم ويسكس الذي جوبهوا فيه بمقاومة عنيفة، حيث استطاع أبناء إقليم غرب سكسونيا الذين احتشدوا تحت لواء الملك الفريد، إحراز نصر مؤزر على الفايكنج في معركة ايتانديون عام (878) وعندئذ اضطر الفايكنج إلى الموافقة على حصر إقامتهم في الجزء المعروف في انجلترا باسم دينلو.
بعد هذه المرحلة عاشت إنجلترا فترة سلام لأنها تخلصت من غارات الفايكنج، إلا أن هؤلاء عاودوا استئناف غاراتهم عندما وصل الملك ايثلر يد ريد ليس عام 979م إلى العرش، وفي بداية الأمر حاول هذا الملك الضعيف دفع مبالغ كثيرة للفايكنج كي يرحلوا عن بلاده، لكنه لم يجد في ذلك نفعاً مما اضطره إلى اتخاذ خطوة يائسة مستميتة حيث أمر بذبح كافة رجال الفايكنج العاملين في خدمته لكن هذا الأمر أدى إلى انتقام مروع من قبل ملك الدانمارك سوين الذي غزا البلاد وطرد منها الملك ايثلر يد، ولم يطل الزمن بالملك سوين طويلاً فقد وافته المنية ليخلفه ابنه كانوت الذي أصبح بدوره ملكاً على إنجلترا كلها وظلت إنجلترا على مدى 25 عاماً يحكمها ملوك دانماركيون إلى أن جاء ملك انجليزي لفترة قصيرة هو إدوارد المعروف باسم الملك المعترف ولكن بوفاته قام الفايكنج أو النورمانديون كما أصبحوا يعرفون، بغزو البلاد تحت قيادة الدوق وليام.
الفايكنج فى إيطاليا
مع هذه الأحداث أصبح النورمانديون مبعث رعب وذهول في أوروبا في القرن الحادي عشر لأنهم من موطنهم الجديد في إقليم النورماندي بفرنسا، قهروا إنجلترا ثم جنوب إيطاليا وصولاً إلى جزيرة صقلية بل يقال أنهم وصلوا إلى مشارف القسطنطينية وقاموا برحلات حج إلى بيت المقدس!
وفي العام 1016 قامت جماعة من النورمانديين وهم في طريق عودتهم من بيت المقدس بمساعدة اللومبارديين الذين قامت حرب بينهم وبين اليونانيين في جنوب إيطاليا، وسرعان ما توافد النورمانديون إلى هذه البلاد في جموع غفيرة لأن منطقة النورماندي لم تكن ذات مساحة كافية كي تستوعبهم وتكفي معاشهم.
في النورماندي كان هناك ملك يسمى ثافكر يد دي هو تفيل وكان له أبناء كثيرون، وبمضي الوقت أخذ هؤلاء بالنزوح إلى جنوب إيطاليا لأن الأرض هناك أي في النورماندي لم تكن بالكافية لاستيعابهم، وقد استطاع أحد الابناء وهو روبرت جيسكارد طرد اليونانيين من جنوب ايطاليا كلياً مما دفع البابا عام 1059م إلى تنصيبه دوقاً على مقاطعتي ابوليا وكالابريا. وقبل وفاته عام 1085 استطاع هذا الدوق أن يحارب اليونانيين في بلادهم.