أكد الشاعر والروائي سلطان العميمي، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أن حجم حضور المفردات العربية في اللغة الإسبانية لا يعكس تاريخ وجود العرب في الأندلس على مدار ثمانية قرون وحسب، وإنما يكشف حجم المشتركات الثقافية التي تجمع العرب مع الناطقين في الإسبانية وخاصة المكسيكيين، مشيراً إلى أن للغة تأثيرا كبيرا على تجاوز الفجوة مع الآخر، بقوله: "مجرد أن استمع لشخص مكسيكي يتحدث بكلمات أصولها عربية أشعر بألفة معه".
جاء ذلك خلال جلسة حوارية، أقيمت ضمن فعاليات الشارقة ضيف شرف معرض جوادالاهارا الدولي للكتاب، تحدث خلالها العميمي إلى جانب مويسيس غاردينيو غارسيا، وأدارها خورخي البيرتو بيريس، وتناولت تاريخ المعاجم العربية، وتطورها، والمسار التاريخي الذي تأثرت به اللغة الإسبانية باللغة العربية.
واستهل العميمي الجلسة بالإشارة إلى أنه خلال زيارته للمكسيك مع وفد إمارة الشارقة ولقائه المباشر مع الشعب المكسيكي تعمقت معرفته بطيبة ولطف هذا الشعب، واكتشف كم هو يشبه في الكثير من سماته الشعوب العربية.
وقال في حديثه عن تاريخ المعاجم العربية قال العميمي: "إن علم صناعة المعاجم ظهر في الثقافة العربية بصورة مبكرة وبدأ في القرن الثامن الميلادي، وكان سابقاً لمختلف العلوم، إلا أن اللافت في هذه الصناعة هو تاريخ روادها والعاملين فيها، فالمتابع يجد أن الكثير منهم لم يكن عربياً، مثل الجوهري والأزهري، وغيرهم ممن عاشوا في البلاد العربية وعملوا في صناعة المعاجم، وهو ما يشير إلى أن الحضارة العربية ظلت تاريخياً حاضنة للكثير من الثقافات وفتحت بابها وقدمت نموذجاً حضارياً يبين أن نهضة الحضارات تأخذ شكلاً قوياً باحترام وتقدير التنوع والاختلاف".
وأوضح أن المعاجم لها أصناف متعددة، فمنها الأحادي اللغة، ومنها الثنائي، وهناك معاجم وصفية، وموضوعية، وتاريخية، وتأثيرية، لافتاً إلى بعض المعاجم يجمع بين صنفين من هذه المعاجم، وقال: "إن هذه المعاجم تساعدنا في اكتشاف علاقة اللغة ببعضها، وتكشف التأثير الثقافي الذي تحدثه اللغة بين بلدين أو شعبين أو حضارتين".
وبيّن العميمي أن عدد الكلمات الإسبانية التي يعود أصلها إلى اللغة العربية يبلغ 4 آلاف كلمة، موضحاً أن هذا الكم من الكلمات يكشف أشكالاً متعددة من تأثير اللغة العربية على الإسبانية، فهنالك تأثر على المستوى الصوتي، مثل ظهور حرف الخاء في اللغة الاسبانية، وهنالك تأثر يظهر على المستوى المعجمي ويبرز في الكلمات التي انتقلت مشافهة وليست كتابة، بالإضافة إلى التأثير الصرفي، والتأثير القائم في اللغة المخترعة للإنسان مثل التي يبتكرها لتدل على صوت أو حركة وتكون مرتبطة بهذه الحركتين، ككلمة دق أو طرق في العربية.
بدوره أكد مويسيس غاردينيو غارسيا حجم حضور اللغة العربية في الإسبانية، مشدداً على أن هذا الحضور رغم قوته في كشف العلاقة الثقافية التاريخية بين الناطقين بالإسبانية والعرب، إلا أنه اليوم يواجه الكثير من التحديات، أهمها يتجسد في صورة العرب لدى المكسيكيين التي تقدمها بصورة غير دقيقة وليست واضحة بعض وسائل الإعلام.
ولفت غارسيا إلى أن المكسيكيين بحاجة إلى التواصل الحي والمباشر مع العالم العربي مثل التفاعل الذي تقدمه إمارة الشارقة في معرض جوادالاهارا الدولي للكتاب، مؤكداً أن الحوار والتواصل مع مثقفين وأدباء وكتاب عرب من شأنه أن يسد الفجوة في معرفة جوهر وأصالة الثقافة العربية وراهنها اليوم.
وحول فرص تعلم اللغة العربية في المكسيك، أشار إلى أنها قليلة وتكاد تكون غائبة، وتحتاج إلى المزيد من الدعم والاهتمام لتكون بوابة مفتوحة للمكسيكين على العالم العربي، متوقفاً عند تنوع لهجات اللغة العربية وما تمثله من عائق أمام غير الناطقين باللغة العربية، وقال: "يقودنا الحديث عن الاختلاف في اللهجات إلى الحديث عن واقع اللغة العربية اليوم، في ظل العولمة ودخول مفردات أجنبية عليها" فالأمر -برأيه- يتطلب بحدثاً ودراسة لإظهار قوة المعاجم في تجاوز مجمل هذه التحديات وتأثيرها على اللغة العربية.