تتجه اليوم الأنظار إلى مباراة منتخب صربيا ونظيره السويسري، ضمن مباريات في المرحلة الثالثة للمجموعة السابعة بكأس العالم، وبعيدا عن كرة القدم، فدولة مثل صربيا (يوغسلافيا سابقا) واحدة من أغرب الجمهوريات على مر العصور، إذ ربما لم يعرف التاريخ بلدا تغيرت اسمه وحدوه الجغرافية مرات عدة في أقل من قرن مثلما حدث مع يوغسلافيا.
يوغسلافيا تغير اسمها سبع مرات وتغيرت حدودها عدة مرات، ومن عمرها البالغ 88 عاما أهدرت 12 عاما في حروب داخلية وخارجية، تاريخيا، خرجت مملكة الصرب والكروات والسلاف من بين أنقاض الإمبراطورية النمساوية-المجرية عام 1918، وتغير اسمها إلى مملكة يوغسلافيا وطن السلاف الجنوبيين عام 1921، وأثناء فترة الاحتلال النازي عام 1941، تمزقت البلاد وقسمت بين دول المحور ما عدا كرواتيا وصربيا.
وعادت البلاد للظهور مرة أخرى عام 1943 عندما أعلن الرئيس الراحل جوزيب بروز تيتو وأنصاره الشيوعيون قيام جمهورية يوغسلافيا الديمقراطية بينما كانت لا تزال تحت الاحتلال، وتمكن تيتو من قيادة السفينة اليوغسلافية بمهارة وسط أنواء الحرب الباردة بين الشرق والغرب واستطاع اجتذاب الأموال من الجانبين.
وبعد 17 عاما تفكك الاتحاد اليوغسلافي وانفصلت سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة ومقدونيا، باستثناء صربيا والجبل الأسود اللتين بقيتا ضمن جمهورية يوغسلافيا الفدرالية التي أعلنت 1992.
وفي عام 1998 بدأت جمهورية الجبل الأسود تضع عينها على الاستقلال وسرعان ما نأت بنفسها عن صربيا، غير أن الضغوط التي مارستها بلغراد والاتحاد الأوروبي أجبرتها على الموافقة عام 2003 على الدخول في تجربة للمصالحة أطلق عليها اسم اتحاد صربيا والجبل الأسود، إلا أن هذه التجربة انتهت باستفتاء شعبي لسكان الجبل الأسود أعطاهم الاستقلال في يوينو 2006، ورغم مرور أكثر من 16 عاما على هذا الانفصال إلا أن القوميون الصرب غير قادرين على تقبل ما يعتبرونه خسارة "لأرض صربية" في كرواتيا والبوسنة، وهو ما يفسر إصرارهم على رفض استقلال إقليم كوسوفو الوشيك عن السيادة الصربية.