قال الناقد الدكتور أحمد الصغير، أستاذ الأدب العربي الحديث والمقارن بجامعة الوادي الجديد، منذ سبعينيات القرن الفائت، بدأ رفعت سلاَّم يؤسس لشعرية تتمرد على الشكل المألوف للدواوين الأخرى، فهو شاعر مُشْكلٌ يبحث عن الفتنة الكونية المنبعثة من رحم الأرض الأخرى في كل زمان ومكان وعليه فهو يخلق نصه الشعري من خلال عوالم حية متفاوتة.
هذه العوالم تستظل بالكائنات الحية في عمومها مثل النباتات والحيوانات والطيور والإنسان والجمادات والنصوص الحية أيضا من التراث العالمي والعربي بخاصة، مرتكزة نصوصه علي شعرية الأساطير الكونية التي تلتحم بروح النص والذات الشاعرة في ماء نصي واحد هذا الماء الشعري الذي يكمن في خلايا وأنسجة الوحدات الصرفية الصغيرة في أبدان المفردات العابرة من جيل إلي جيل ومن مرحلة إلي أخري، ومن ثمَّ فإن جلَّ دواوين سلام لها شكل شعري مائز، تتخذ من المخاتلة الكونية الشعرية طريقا للتعبير وفي ظني أن أفضل الطرق للولوج في هذه العوالم الشعرية أن تعتمد علي القراءة البصرية مدعومة بقراءة سيمائية تأويلية مغايرة، وقد تجلت هذه المغايرة ــــ وقد رصدنا هذه الظواهر الشعرية من قبل في شعر سلام ــ في بعض أعمال سلام الشعرية، مثل ديوانه إلي النهار الماضي، وردة الفوضى الجميلة، إشراقات رفعت سلام، وكأنها نهاية الأرض، حجر يطفو علي الماء، وأخيرا هكذا تكلم الكركدن.
وأضاف "الصغير" في شهادته ضمن تحقيق يجريه "انفراد" تحت عنوان "ماذا تبقى من رفعت سلام": يمتلك الشاعر رفعت سلام تجربة شعرية واسعة وممتدة عبر الزمان والمكان، سواء في الشعر أو الترجمة والنقد الشعري وغيرها من النشاطات الأدبية المختلفة. ستقف الأجيال طويلا أما مشروع سلام الشعري بصفة خاصة، لما يمتلكه من جرأة وتمرد ومغامرة على المستويات الفنية كافة. سيتبقى الكثير، لأننا حتى اللحظة لم نفتح سوى ثغرة طفيفة في أرضية الشعرية التي تركها سلام ز فقد ألقى أحجارا كثيرة في مياه راكدة منذ زمن مضى على حد قوله في ديوانه حجر يطفو على الماء. الحجر هو رفعت الذي رفض الخنوع والتقليد والفوضى والموت، وطفا على الماء صاخبا وجريئا.
وأتم: تطرح قصيدته الحداثة مساحات من الوعي الجاد والرقي الشعري العميق، فنصه الشعري تنصهر داخله معظم الأنواع الشعرية الأخرى والأدبية وغيرها، يكتب بصدق وعينه على تحطيم مجازات الخوف والطمأنينة.