حصاد الثقافة 2022.. اختفاء الكتاب الظاهرة

فى كل عام، دائمًا ما يكون هناك كتاب ظاهرة، كتاب يبحث عنه أغلب القراء للتعرف عليه، ويكون السبب فى ذلك، عدة عوامل من أبرزها أن يظهر أحد المشاهير من عالم الفن أو الرياضة هو يقرأ هذا الكتاب، بالإضافة إلى طبيعة هذا الكتاب. فى عام 2018 – على سبيل المثال – فاجأ نجم نادى ليفربول الإنجليزي محمد صلاح جمهوره على منصات التواصل الاجتماعى، وهو يقرأ كتاب "فن اللا مبالاة" للكاتب مارك مانسون، وهو كتاب يندرج ضمن فئة كتب التنمية البشرية، والذى يهدف إلى تغير المفاهيم عن التنمية البشرية وكيفية تحقيق الطموحات. ومنذ ذلك اليوم، تحول هذا الكتاب، وحتى يومنا هذا، إلى الكتاب الظاهرة، الذى يسعى الجميع إلى قراءته أو التعرف على ملخصه عبر مراجعات مشاهير القراءة على السوشيال ميديا، ولكن فى عام 2022، والتى أوشكت على الانتهاء، لم تحدث مثل هذه الظاهرة. لكن فى المقابل، وكالعادة دائما فى كل عام، كان للجوائز الأدبية الشهيرة، مثل جائزة البوكر للرواية العربية، دور فى دفع بعض القراء لقراءة الروايات التى وصلت إلى القائمة الطويلة، ومن ثم القصيرة، وكان من أشهر الروايات التى قرأها الجمهور العربى هذا العام، روايات: ماكيت القاهرة للكاتب طارق إمام ماكيت القاهرة.. رواية للكاتب المصرى طارق إمام، وصلت إلى القائمة الطويلة ومن ثم القائمة القصيرة فى جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، فى دورتها لعام 2022، وتدور أحداثها فى زمن عام 2045. فى رواية "ماكيت القاهرة" صنع الكاتب طارق إمام، مستقبلا للقاهرة، يبدأ من تلك اللحظة التى أعلن فيها "جاليري شغل كايرو"، المؤسسة الفنية المستقلة لفنون الهامش، عن منحة لتشييد ماكيت مصغر للمدينة قبل ربع قرن، "قاهرة 2020"، والتي أصبحت الآن "العاصمة السابقة لمصر". وانطلاقا من هذا الحدث، تؤرخ رواية طارق إمام للقاهرة بأربعة أزمنة: 2045 ،2020 ،2011، وزمن غير محدد في مستقبل بعيد. وفي كل زمن تنهض شخصية تعمل بالفن المستقل: "أوريجا" المغرم بتشييد ماكيتات مصغرة للمدينة والموصوم منذ طفولته بقتل الأب، "نود" المخرجة الوثائقية الملاحقة، الخارجة من الحبس سنتين بتهمة "خدش الحياء العام" بسبب فيلمها السابق، "بلياردو" رسام الجرافيتي في زمن ثورة يناير، المطارد على الدوام بتهمة تلويث جدران المدينة، و"مانجا" رسامة الكوميكس التي تمتلك ذاكرتين للمدينة. تلتقي الأزمنة المختلفة فى الرواية وتتقاطع على شرف مكان واحد هو الجاليري. تطرح "ماكيت القاهرة" علاقة المدينة بالفرد، وعلى الأخص: الفنان، المهمش، الباحث عن هويته والمطارد من الجميع: السلطة والناس على حد سواء. خبز على طاولة الخال ميلاد للكاتب محمد النعاس خبز على طاولة الخال ميلاد.. رواية للكاتب الليبى محمد النعاس، فازت بجائزة البوكر للرواية العربية فى دورتها لعام 2022، وتدور أحداثها فى مجتمع القرية المنغلق، الذى يبحث فيه "ميلاد" عن تعريف الرجولة المثالى حسبما يراها مجتمعه، يفشل طوال مسار حياته فى أن يكون رجلاً بعد محاولات عديدة. وعبر مسار السرد، نرى كيف يقرر أن يكون نفسه وأن ينسى هذا التعريف بعد أن يتعرف على حبيبته وزوجته المستقبلية "زينب"، فنجده يعيش أيامه داخل البيت يضطلع بأدوار خص المجتمع المرأة بها، فيما تعمل حبيبته على إعالة البيت. ومع تصاعد مستويات السرد والحكى نجد "ميلاد" مغَيبا عن حقيقة سخرية مجتمعه منه حتى يُفشى له ابن عمه ما يحدث حوله، فتعيد هذه الرواية مساءلة التصورات الجاهزة لمفهوم "الجندر" وتنتصر للفرد فى وجه الأفكار الجماعية القاتلة. خادمات المقام للكاتبة منى الشمرى خادمات المقام.. رواية للكاتبة منى الشمرى، وصلت إلى قوائم جائزة البوكر العالمية للرواية وتدور حول الحيل والأكاذيب وأعمال الشعوذة باسم الأضرحة، ففى هذه الرواية نرى من خلال الشخصيات كيف تحولت الأحداث فى تلك الليلة التى لم تكن هانئة، والتى رست فيها جثة المرأة ذات البطن المنفوخ على شاطئ جزيرة فيلكا. لكن وفقا لمسار الأحداث الروائية، كانت تلك إرادة مقام سيدنا الخضر، الذى يرجو أهلها معجزاته ويخافون غضبه، أخرجت الحياة من قلب الموت ليأتى "وليد المقام". فنرى "عذبة" التى تكتم سرا خطيرا تعلم أن قصة المقام ليست إلا حيلة من حيل ماريا، الحبشية التى قررت أن تقلب مسار حياتها لتصير سيدة المقام. بين أيدى خادمات المقام، عاش الطفل بانتظار قدره، قدر تشابك مع أقدار أهل فيلكا الغارقين فى معارك حب وخيانة وشعوذة وتجارة. دلشاد للكاتبة بشرى خلفان دلشاد.. رواية للكاتبة بشرى خلفان، وصلت إلى القائمة القصيرة فى جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، فى دورتها لعام 2022، وهى رواية تدور أحداثها عن الجوع والحزن، المغامرة، والحب، وتتوالد فيها الحكايات بأصوات متعددة، وبلغات مختلفة، تعنون لتعدد الثقافات فى مسقط. عبر ثلاثة فصول، تدور أحداث رواية "دلشاد"، يحمل فيها كل فصل عنوان حارة من حارات مسقط، التى تدور فيها الأحداث الرئيسية للرواية، فى النصف الأول من القرن العشرين. وعبر مسارات الشخصية الرئيسية "دلشاد"، الفتى المسقطي، مجهول النسب، يتابع القارئ رحلته وهو يكبر فى حارة من حارات "البلوش"، متأثراً بثقافتهم ومن جاورهم من العرب. فمنه ترث "مريم" الجوع والضحك، وتكون طفلته وأمه ورفيقته فى عماه، لكنه ولشدة فقره، يضطر لتسليمها إلى بيت تاجر مسقطي، لتعمل مقابل لقمتها. وفى ذلك البيت، يتعرف القارئ مع "مريم" على تناقضات الحياة، فبين العيش مطمئنة إلى أن تضطر إلى الهرب.