تمر، اليوم، ذكرى اغتيال القديس توماس بيكيت فى كاتدرائية كانتربرى بواسطة أتباع الملك هنرى الثانى نتيجة الصراع معه، وهو قديس وشهيد فى الكنيستين الكاثوليكية الرومانية والأنجليكانية وُلد نحو عام 1118 وتوفى فى 29 ديسمبر 1170 وشغل منصب أسقف كانتربرى منذ العام 1162 حتى 1170 عندما اغتيل نتيجة صراعٍ مع الملك هنرى الثانى بواسطة أتباع الملك فى كاتدرائية كانتربرى.
ولد توماس بيكيت فى لندن 1811 من طبقة وسطى نورماندية، وظهر نبوغ توماس وهو صغير، فاهتم به ثيوبالد رئيس أساقفة كانتربرى، وأرسله ليدرس القانون المدنى والكنسى فى بوولونيا وغيرها، ولما عاد إلى إنجلترا تدرج فى المناصب الدينية، حتى أصبح رئيس شماسة كانتربرى فى عام 1154 وفى عام 1155 أصبح الوزير الأول فى البلاط الإنجليزى وعمره سبعة وثلاثين عاما، وأصبح الصديق الحميم للملك هنرى ومستشاره وموضع ثقته، وعاش توماس بيكت كرجل دنيا على أرفع مستوى، فقد شارك في ألعاب الفروسية، وكانت مائدته أفخم الموائد، وقاد الجيوش فى الحروب، وكان سفيرا للملك فى جهات متعددة وله حاشية لا تقل عن مائتين من الرجال.
وبدأ الصراع بين الرجلين، بعدما حاول هنرى الثانى فرض سلطته بحيث تكون له سلطة مطلقة على الكنيسة والدولة، وحاول بيكيت التخفيف من سيطرة الدولة على الكنيسة ونجح فى ذلك إلى حد أصبح الملك منزعجاً من قراراته وعلاقته القوية بروما والفاتيكان، ما جعل "هنرى" يعقد اجتماعا لتخفيف العلاقة مع الفاتيكان وذلك بعد عامين من رسامة بيكيت أسقفا، وهو الأمر الذى رفضه "بيكيت" بشدة ورفض التوقيع على قرارات الاجتماع، وبعد عدة خلافات قرر توماس بيكيت الرحيل إلى فرنسا خوفا من بطش هنرى الثانى، واستمر هناك عامين تحت ترحيب وحماية من قبل الملك لويس السابع، وأقام فى دير بونتجنى.
وجاء فى كتاب مقاتلون فى سبيل الله لـ جيمس ريستون: "وضع الأسقف بيكت استقلالية الكنيسة فوق الولاء لملك البلاد، مما أغضب هنرى غضبا شديدا، وفى أحد مجالسه مع النبلاء، عبر الملك عن سخطه على الأسقف "الخبيث والخائن والكاهن العامى الأصل والنشأة" حسبما وصفه، فسارع أربعة من النبلاء الحاضرين الذين سخطوا لسخط سيدهم إلى كنتربرى حيث قتلوا توماس بيكت أمام مذبحه.
وتقول الكتب: كان هياج الشعب والكنيسة نتيجة ذلك مما أرغم الملك على الحج إلى ضريح الشهيد بيكت وإعلان الندم، وأصبح الحج إلى كانتربرى فى العصور الوسطى من أهم الواجبات الدينية فى إنجلترا.