تمر، اليوم، الذكرى الـ24 على تقديم قادة الخمير الحمر فى كمبوديا اعتذارهم عن المجازر التى ارتكبوها بحق المدنيين إبان فترة السبعينيات والتى نتج عنها نحو مليون ونصف المليون قتيل.
تُعتبر منظمة الخمير الحمر المسئولة عن وفاة 1.5 مليون شخص (أحيانا يقدرون بين 850,000 إلى 3 ملايين) فى ظل نظامهم، عن طريق الإعدام، والتعذيب والأعمال الشاقة وقد حاول زعيمهم بول بوت تطبيق نوع راديكالى متشدد من الشيوعية الزراعية، حيث يجبر كامل المجتمع على نوع من الهندسة الاجتماعية تجبرهم على العمل فى مجتمعات زراعية أو فى أعمال شاقة، ومعنى كلمة الخمير فى اللغة الكمبودية الفلاح حيث كانوا يقدسون الأعمال الزراعية ويعتبرون الفلاح مهما فى اقتصاد البلد وأفضل من غيره.
كان الخمير الحمر عبارة عن نظام وحشى حكم كمبوديا، تحت قيادة الدكتاتور الماركسى بول بوت، فى الفترة من 1975 إلى 1979، وأدت محاولات بول بوت لتكوين نظام اجتماعى جديد إلى مقتل نحو مليونى شخص في دول جنوب شرق آسيا، ماتوا إما بسبب القتل أو الجوع والمرض والعمل الزائد تاريخيًا أصبحت هذه الفترة كما هو موضح في فيلم “حقول قتل الخمير الحمر"بالإبادة الجماعية الكمبودية.
على الرغم من أن بول بوت والخمير الحمر لم يصلوا إلى السلطة حتى منتصف سبعينيات القرن الماضى، إلا أنه بتتبع جذورهم نجد أنهم وصلوا لها بالفعل في عقد الستينيات، عندما ظهر التمرد الشيوعي في كمبوديا، التي كان يحكمها الملك حينئذ.
طوال عقد الستينيات عمل الخمير الحمر كجناح مسلح للحزب الشيوعي في كمبوتشيا، وهو الاسم الذي استخدمه الحزب في كمبوديا، وعمل فى المقام الأول فى المناطق النائية بالغابة والجبال الواقعة فى شمال شرق البلاد، بالقرب من الحدود مع فيتنام، والتى كانت فى ذلك الوقت فى خضم الحرب الأهلية، ولم يكن للخمير الحمر دعم شعبي في كمبوديا، وخاصة في المدن الرئيسة، بما في ذلك العاصمة.
ومع ذلك بعد الانقلاب عام 1970 الذي أدى إلى خلع الملك الحاكم في كمبوديا، الأمير نورودوم سيهانوك، قرر الخمير الحمر الانضمام إلى الزعيم المخلوع وتشكيل ائتلاف سياسي،نظرًا لأن الملك كان يحظى بشعبية بين الكمبوديين المقيمين في المدينة، وبدأ الخمير الحمر في الحصول على المزيد والمزيد من الدعم.
وعلى مدار خمس سنوات اندلعت حرب بين الجيش وبعض من ذو الميول اليمنية وفي النهاية استغل الخمير الحمر الصراع للسيطرة على أماكن كبيرة من الريف في كمبوديا، في عام 1975 ، غزا مقاتلو الخمير الحمر العاصمة واستولوا على المدينة وفازوا في الحرب الأهلية وبالتالي حكم البلاد، وسلموا السلطة لزعيمهم بول بوت وأجبر الأمير للعيش بالمنفى.
كانت الديانة البوذية شائعة في معظم المدن وكانت القبائل مكتفية ذاتيًا وعاشت على السلع التي تنتجها من الزراعة كانت القبائل بمثابة كميونة حيثوا عملوا سويًا وتشاركوا في الإنتاج ، وبمجرد تثبيته كزعيم للبلاد شرح في إعادة تنظيم البلاد ، وأعادوا تسميتها إلى كمبوتشيا على أمل خلق نظام جديد قائم على الزراعة ، وعزل البلاد عام 1975 م عن المجتمع العالمي ، وقام بتوطين آلاف من المواطنين في بلدات زراعية وألغى عملة البلاد وحظر الملكية وممارسة الدين.
وسرعان ما بدأ العمال في المزراع الجماعية يعانون من الجوع ونقص الغذاء والعمل الزائد ، وتوفى الآلاف بسبب الأمراض والأضرار التي لحقت بأجسامهم سواء من الوضع أو من معاملة الجنود التابعة لهم ، وأعدم النظام الآلاف الذين اعتبروهم أعداء للدولة ، وأعدم القادة والمثقفون حتى من يتحدثون لغة أجنبية أو يرتدون النظارات كان يتم إعدامهم وتعرض الآلاف من أبناء الطبقة الوسطى للتعذيب خلال تلك الفترة المعروفة بالإبادة الجماعية مات ما يقرب من 1.7-2.2 مليون كمبودي.
غزا الجيش الفيتنامي كمبوديا عام 1979م وأزاح بول والخمير الحمر من السلطة بعد سلسلة من الصراعات والمعارك الدموية بعدما سعى بول لمد نفوذه في فيتنام ، وبعد الغزو تراجع وهو وجنوده للمناطق النائية وظلوا كنشاط متمرد ، وظلت فيتنام مسيطرة على البلاد.
وعلى مدار العقود التي تلت ذلك عادت كمبوديا تدريجيًا لإقامة علاقات مع المجتمع الدولي وعاد الأمير للحكم عام 1993م وليحكم بنظام ملكي دستوري ، وتم محاكمة بول والخمير الحمر على جرائمهم عام 1997م وتوفي تحت الإقامة الجبرية.