نلقى الضوء على كتاب "أخلاق الحداثة" لـ تشارلز لارمور والذى ترجمه مايكل مدحت يوسف، وصدرت ترجمته عن المركز القومي للترجمة.
يقول الكتاب تحت عنوان "الأخلاق الحديثة والاختلاف المعقول" لا أقوم في هذا الكتاب بتقصي التأملات الأبستمولوجية بمجرد الوقوف عليها فقط ولكن لأوضح بشكل أساسي كيف أن الفلسفة الأخلاقية في واحدة من المشكلات المحورية التي تركز عليها في أيامنا هذه لا بد أن تكون على اتفاق مع الحداثة.
إن العنصر الأكثر تميزا فى الأخلاق الحديثة هو الفكرة القائلة بأننا جميعا خاضعون لنوع من الأوامر الأخلاقية الملزمة، والتي تملى علينا كل ما يمكن أن يعبر عن اهتماماتنا المتنوعة، لكن مع ذلك هناك دوما اتجاه خفي من الشك، أعلن عن نفسه بوضوح متزايد فى السنوات الأخيرة بشأن إذا ما كان باستطاعة هذه النظرة الأخلاقية أن تكون سلطوية حقا بالنسبة لنا خاصة مع الأخذ في الاعتبار تراجع رؤى العالم الدينية.
يمثل هذا الاهتمام منبع الحنين لأخلاق الفضيلة أو الأسلوب الأخلاقي القديم الذي ذكرناه من قبل، وكما أجادل فى الفصلين الأول والثاني فإن هناك صعوبات لا يمكن تخطيها تقف فى وجه العودة إلى مثل هذه الأنماط القديمة من الأخلاق، ومع ذلك يمكننا أن نتفهم أهمية هذه العقبات فقط فى ضوء مفهوم عن الفلسفة يتميز بالحساسية التاريخية مثل المفهوم الذي قمت بوصفه، وذلك لأنها (أي العقبات) تتضمن مكونا أساسيا من مكونات الفهم الحديث لذواتنا.
إن العنصر الحاسم في الخبرة الحديثة هو إدراك أن البشر العاقلين يميلون بطبيعتم للاختلاف مع بعضهم بعضا حول معنى الحياة.
أصبحنا نتوقع فى المحادثة المنفتحة والحرة حول الحياة المكتملة أو الخير البشرى أو التحقق الحر للذات وهي أفكار أساسية لمفاهيم الأخلاق القديمة المتمركزة حول الفضيلة، إنه كلما ازاد النقاش ازاد الاختلاف بصورة أكبر ختى مع أنفسنا، ولا يعد هذا المنظور (انظر الفصل السابع) ممثلا بما يسمى عادة بالمذهب التعددي أو الاعتقاد بأن الغاية من الخير البشري ليست واحدة بل هناك العديد من الصيغ التي لا تقبل الاخنتزال لأي أساس مفرد مثل السعادة أو الحرية أو المعرفة.
إن التعددية ذاتها هي واحدة من الأشياء التي يختلف حولها البشر العاقلون في حقيقة الأمر يعد توقع الاختلاف المعقول بمنزلة وجة نظر أقل استقرارا من المذهب التغددي، وهي وجهة نظر تسير فى الاتجاه المضاد لبعض من أكثر مفاهيمنا المسبقة عمقا فى التراث الغربي، وهو الإقرار فيما يتعلق بالأمور فائقة الأهمية.. ليس من المرجح أن يوحدنا العقل سويا بل إنه بالأحرى يفرقنا.
كانت هذه الخبرة غائبة عن أخلاق الفضيلة المميزة للعصور القديمة والوسطى لكنها كانت تلوح أكثر فى أفق الفكر الحديث المبكر لقد كان هذا درسا وعيناه جيدا عل سبيل المثال بواسطة أكثر من قرن من الحروب الدينية فى الأخلاق الحديثة فلم توقع الاختلاف المعقول بتحويل الانتباه صوب نواة أخلاقية يستطيع البشر العاقلون على الرغ من من اختلافاتهم حول طبيعة الحياة الخيرة أن يتفقوا عليها، هذا هو المطلب الذي يجب على فكرة الأوامر الأخلاقية أن تستوفيه.