نشاهد معا لوحة للفنان التشكيلى بيتر بروجل الأكبر، والتى بدعها فى سنة 1565، وفيها ثلاثة صيادين وكلابهم يمشون فى منظر طبيعى مغطى بالثلوج، حيث قرية جميلة وعدد قليل من الناس أمامهم طبيعة شاسعة ومجموعة مبتهجة من الناس على بحيرة مجمدة.
فى اللوحة نرى الأشجار الشتوية، عارية تماما من الأوراق، وتوجه بشكل منظور فى اتجاه الصيادين والحيوانات.
وابتكر بيتر بروجل هذه اللوحة الزيتية فى دورة من اللوحات التى توضح الفصول الأربعة المختلفة. إن القدرة الفريدة للرسام الألمانى الرئيسى على تصوير الطبيعة تظهر بقوة وبالتالى فهى بين أكثر أعماله شهرة وشهرة.
ويخلق Bruegel دراسة للشخصيات داخل لوحة طبيعية ويعرف كيف ينقل التركيبة المعقدة بشكل متناغم من حيث اللون. حتى اللون الأخضر الفاتح للسماء على عكس اللون الأبيض البارد للثلوج لا يزال حياً بشكل مدهش: يبدو الأمر كما لو كنت تشعر حرفياً بالبرد. النسخة الأصلية موجودة فى متحف Kunsthistorisches فى فيينا.
وبيتر بروجل الأكبر عاش بين سنتي 1525 - 1569 كان رساماً من عصر النهضة الهولندى وطباعاً معروف بمشاهد الطبيعة والفلاحين، كانت كنيته "بروجل الفلاح" لتمييزه عن باقى أعضاء أسرة بروجل.
هو مصور لا يُعرف مسقط رأسه على وجه التحديد، فربما كان قرب مدينة بريدة Breda (فى هولندة) أو قرب برى Breé ( فى بلجيكا)، تلقى بيتر تعليمه فى مدينة أنفرس Anvers، وصار عضواً فى جمعية الحرفيين فى عام 1551.
زار إيطالية ما بين عامى 1552 و 1553 وتأثر بطبيعتها، ولاسيما جبال الألب الشاهقة ووديان الأنهار العريضة والمناظر البانورامية التى لم تكن معروفة لديه، وظهرت فى لوحاته فيما بعد. كذلك كان تأثير هذه الرحلة الإيطالية فيه كبيراً على الصعيد الفكري، فقد خالط فيها شخصيات مهمة وتعرّف المعالم اليونانية واللاتينية والفنون المعاصرة.
عمل بروجل عند عودته الى أنفرس رساماً لفنانى الحفر العاملين لدى جيروم كوك Jérôme Coeck (مصور وحفار فلمنكى وصاحبُ أشهر مطبعة لأعمال الحفر فى زمنه)، ونفذ لهم سلسلة من الرسومات التوثيقية من بينها رسوم لمراكب البحر ومناظر طبيعية ومشاهد فلاحية لها طابع نقدي، ومشاهد تصويرية تشرح القصص التعليمية الرمزية والأمثال، ومنها سلسلة رسوم تحمل اسم «الخطايا السبع الكبرى» (1556-1557) وأخرى تحمل اسم «الفضائل السبع» (1559-1560). بعد هذه المرحلة بدأ بروجل يعمل فى التصوير، وفى 1563 استقر فى بروكسل حيث خالط العلماء والفلاسفة من دعاة الحركة الإنسانية الذين اهتموا بإحياء أعمال القدماء من اليونان والرومان، كان يرتاد الأعراس الشعبية باستمرار لمتعته الشخصية وليزيد من اطلاعه واحتكاكه بأوساط العامة ولاسيما الفلاحين حتى أطلق عليه اسم بيتر الفكه أو الساخر وبيتر الفلاح.
وقد ظهرت كل هذه المؤثرات، وخاصة تأثير فن جيروم بوش فى أعمال بروجل إذ عالج موضوعاته بأسلوب متميز لا يخلو من الفكاهة والغرائبية اللتين تحملان فى طياتهما نظرة فلسفية عميقة للكون والحياة والبشر.