تولى الخليفة المتوكل بالله في سنة 232 هجرية بعد أخيه الواثق، وفى زمنه جرت عدة أحداث منها مقتل الوزير الشهير ابن الزيات، فما الذي يقوله التراث الإسلامي؟.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ بن كثير تحت عنوان "ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومائتين"
فى يوم الأربعاء سابع صفر منها أمر الخليفة المتوكل على الله بالقبض على محمد بن عبد الملك بن الزيات وزير الواثق، وكان المتوكل يبغضه لأمور، منها أن أخاه الواثق غضب على المتوكل فى بعض الأوقات وكان ابن الزيات يزيده غضبا عليه، فبقى ذلك فى نفسه، ثم كان الذى استرضى الواثق عليه أحمد بن أبى دؤاد فحظى بذلك عنده فى أيام ملكه، ومنها أن ابن الزيات كان قد أشار بخلافة محمد بن الواثق بعد أبيه، ولف عليه الناس، وجعفر المتوكل فى جنب دار الخلافة لم يلتفت إليه ولم يتم الأمر إلا لجعفر المتوكل على الله، رغم أنف ابن الزيات.
فلهذا أمر بالقبض عليه سريعا فطلبه فركب بعد غدائه وهو يظن أن الخليفة بعث إليه، فانتهى به الرسول إلى دار إيتاخ أمير الشرطة فاحتيط به وقيد وبعثوا فى الحال إلى داره فأخذ جميع ما فيها من الأموال واللآلى والجواهر والحواصل والجوارى والأثاث، ووجدوا فى مجلسه الخاص به آلات الشرب، وبعث المتوكل فى الحال أيضا إلى حواصله بسامرا وضياعه وما فيها فاحتاط عليها، وأمر به أن يعذب ومنعوه من الكلام، وجعلوا يساهرونه كلما أراد الرقاد نخس بالحديد، ثم وضعه بعد ذلك كله فى تنور من خشب فيه مسامير قائمة فى أسفله فأقيم عليها ووكل به من يمنعه من القعود والرقاد، فمكث كذلك أياما حتى مات وهو كذلك.
ويقال إنه أخرج من التنور وفيه رمق فضرب على بطنه ثم على ظهره حتى مات وهو تحت الضرب، ويقال إنه أحرق ثم دفعت جثته إلى أولاده فدفنوه، فنبشت عليه الكلاب فأكلت ما بقى من لحمه وجلده.
وكانت وفاته لإحدى عشرة من ربيع الأول منها.
وكان قيمة ما وجد له من الحواصل نحوا من تسعين ألف دينار.
وقد قدمنا أن المتوكل سأله عن قتل أحمد بن نصر الخزاعى فقال: يا أمير المؤمنين أحرقنى الله بالنار إن قتله الواثق إلا كافرا.
قال المتوكل: فأنا أحرقته بالنار.
وفيها: فى جمادى الأولى منها بعد مهلك ابن الزيات فلج أحمد بن أبى دؤاد القاضى المعتزلي.
فلم يزل مفلوجا حتى مات بعد أربع سنين وهو كذلك، كما دعا على نفسه حين سأله المتوكل عن قتل حمد بن نصر كما تقدم.
ثم غضب المتوكل على جماعة من الدواوين والعمال، وأخذ منهم أموالا جزيلةً جدا.
وفيها: ولى المتوكل ابنه محمد المنتصر الحجاز واليمن وعقد له على ذلك كله فى رمضان منها.
وفيها: عمد ملك الروم ميخائيل بن ترفيل إلى أمه تدورة فأقامها بالشمس وألزمها الدير وقتل الرجل الذى اتهمها به، وكان ملكها ست سنين.
وفيها: حج بالناس محمد بن داود أمير مكة.
وفيها: توفى إبراهيم بن الحجاج الشامي، وحبان بن موسى العربي، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وسهل بن عثمان العسكري، ومحمد بن سماعة القاضي، ومحمد بن عائذ الدمشقى صاحب المغازي، ويحيى المقابري، ويحيى بن معين أحد أئمة الجرح والتعديل، وأستاذ أهل هذه الصناعة فى زمانه.