11 عاما بعد المائة تمر اليوم على ميلاد الكاتب البريطانى لورانس داريل (27 فبراير 1912- 7 نوفمبر 1990)، صاحب رباعية الإسكندرية، الأكثر شهرة من بين أعماله، فهو شاعر وكاتب أدب رحلات، وتعد رباعيته عن الإسكندرية، بمثابة تأشيرة دخوله فى مصاف عمداء الأدب الإنجليزى الحديث، أمثال: هنرى ميلر، وجيمس جويس.
رباعية الإسنكندرية التى نالت شهرة كبيرة فى الأدب العالمى، والمصرى أيضا، تعرضت خلال السنوات الماضية، إلى انتقادات من البعض، ودعت النقاد والقراء إلى إعادة النظر فيها، وبخاصة لما تتضمنه من أكاذيب بحسب وجهة نظر المؤرخ الكبير الدكتور عاصم الدسوقى.
لكن وجهة نظر المؤرخين عارضها الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، الروائى الإسكندرانى، وصاحب ثلاثية الإسكندرية، حيث رأى صاحب "لا أحد ينام فى الإسكندرية" خلال حديثه مع انفراد أن الأزمة الحقيقية تكمن فى تناول المؤرخين للأدب، والتعامل معه على أنه وقائع تاريخية، فى حين أن الأدب فى المقام الأول هو فن وخيال.
وأوضح إبراهيم عبد المجيد أن لورانس داريل عاش فى الإسكندرية ولم يولد فيها، مثل قسطنطين كفافيس، وهو مصرى يونانى، والفرق بين الاثنين، أن الأول كانت نظرته للإسكندرية نظرة عابرة، وترتبط فى المقام الأول بنظرته للجاليات التى كان ملتصقًا بها، ومحيط تعامله، ولهذا فإن معرفته بأبناء الإسكندرية المصريين كانت قليلة.
وأوضح إبراهيم عبد المجيد أن "داريل" فى رباعيته يقول مثلا "ونزلنا حى العطارين، فرأينا السود أو السمر"، وهنا فإن "داريل" لم يقصد أى إهانة للمصريين فى هذه الجملة، إذا ما نظرنا إلى كونه بريطانيا ويعيش مع أصحاب البشرة البيضاء، حسبما يقول "عبد المجيد"
كما يوضح إبراهيم عبد المجيد أن نظرة لورانس داريل التى لا تختلف كثيرًا عن "كفافيس"، فالأول رأى الإسكندرية مدينة عالمية، ولها تجليات عظيمة جدًا، ومدينة عابرة للزمان، وكان متعاطفًا مع أبنائها، أم الثانى فرآها مدينته، وهذا حال أهل اليونان يرون أنفسهم صانعين للمدينة.
من هنا يوضح إبراهيم عبد المجيد اختلافا آخر بين ثلاثيته ورباعية "داريل"، فشخصيات رواياته جاءت من ارتباطه بمحيطه، على عكس داريل، وهو ما يعنى أن كلاهما قدم رؤيته من داخل محيطه، وفى النهاية يبقى الأدب فن وخيال.