يحتفل العالم باليوم العالمى للمرأة فى 8 مارس من كل عام، وتعود قصة هذا اليوم إلى سنة فى 1856 عندما خرج آلاف النساء للاحتجاج فى شوارع نيويورك على الظروف اللا إنسانية التى كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت فى دفع المسئولين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية، وفى 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد فى شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود فى خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية شعار "خبز وورود".
وبمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العالم، نتذكر بعض النماذج النسائية اللاتى أسهمن في تغيير المجتمع للأفضل، لتثبت أن التطور والنهضة بالمجتمع ليست قاصرة على الرجال وحدهم، بل للنساء قوة فعالة داخل أي مجتمع في العالم.
صفية زغلول
من بين هذه النماذج صفية مصطفى فهمى، والتى لقبت باسم "صفية زغلول" نسبة إلى اسم زوجها "سعد زغلول"، كما لقبت بـ "أم المصريين" إثر مشاركتها فى المظاهرات النسائية إبّان ثورة 1919.
وكان لصفية زغلول مواقف كثيرة مع زوجها فعلى سبيل المثال وليس الحصر عندما ألقى القبض على سعد باشا، أرادت صفية النزول معه ومصاحبته في المعتقل، إلا أن سعد هدأها وطلب منها البقاء، وأكدت أن المرأة المصرية يمكنها قيادة ثورة كاملة حينما وقفت سكرتيرتها أمام المتظاهرين الذين أحاطوا منزلها ببيان جاء فيه "إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعداً ولسان سعد فإن قرينته شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها فى نفس المكان الذى وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وأن السيدة صفية فى هذا الموقع تعتبر نفسها أماً لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية".
ومن الموقف التي سجلها التاريخ أنه فى عام 1924 عندما تولى سعد زغلول رئاسة الوزراء وتوالت الوفود إلى بيت الأمة لتهنئة زوجته على الوزارة الجديدة، قالت صفيه لهم: "يجب أن تقدموا لى العزاء وليس التهنئة، أن سعد زغلول هو زعيم الأمة وهو الآن فى مكان أقل بكثير، فما قيمة رئاسة الحكومة مقابل زعامة الأمة؟" وعندما استقال سعد زغلول من رئاسة الوزارة استقبلته صفية زغلول مبتهجة قائلة: "هذا أسعد يوم فى حياتي، مهمتنا الكفاح وليست تولى المناصب".
بعد رحيل سعد في 23 أغسطس عام 1927، عاشت صفية عشرين عامًا لم تتخل فيها عن نشاطها الوطني لدرجة أن رئيس الوزراء وقتها "إسماعيل صدقي" وجه لها إنذارا بأن تتوقف عن العمل السياسي، إلا أنها لم تتوقف عن العمل الوطني وكأن شيئا لم يكن، لترحل عن عالمنا بعد رحلة كفاح طويلة في 12يناير 1946، لتظل أيقونة من أيقونات النسائية عبر التاريخ.
هدى شعراوى
هدى شعراوى، صاحبة تاريخ طويل فى حركة النضال فى مصر، ففى عام 1908، أنشأت أول جمعية خيرية تديرها نساء مصريات، وتقدم الخدمات الاجتماعية للنساء والأطفال الفقراء، وقالت إن مشاريع الخدمة الاجتماعية التى تديرها النساء مهمة لسببين، فمن خلال الانخراط فى مثل هذه المشاريع، ستوسع المرأة آفاقها وتكتسب المعرفة العملية وتوجه تركيزها إلى الخارج، وثانيًا: من شأن مثل هذه المشاريع أن تتحدى وجهة النظر القائلة بأن جميع النساء كائنات بحاجة إلى الحماية.
وتعد هدى شعراوى أول امرأة مصرية طالبت بحقوق النساء فى المشاركة بالحياة السياسية، حيث قامت بتأسيس مجموعة الاتحاد السياسى المصرى، وفى عام 1914 أسست الجمعية الفكرية للمرأة المصرية، وفى عام 1923، أسست الاتحاد النسائى المصرى ، والذى كان عليها أن تظل نشطة طوال حياتها، ويتألف اتحاد النقابات المصريين من نساء مصريات من الطبقة العليا والمتوسطة، وكان فى أوجها حوالى 250 عضوة، وبعد مسيرة طويلة من العطاء والنضال من أجل المرأة رحلت عن عالمنا في 1947م.
سهير القلماوى
الكاتبة الكبيرة الدكتورة سهير القلماوى، أصبحت أول فتاة شابة تتردد على جامعة القاهرة وأول امرأة بين 40 رجلا تدرس الأدب العربى، بعدما حصلت على الماجستير فى الآداب، ثم تلقت منحة لإجراء البحوث في باريس لشهادة الدكتوراه فى عام 1941، وبعد انتهاء رسالة الدكتوراه، أصبحت أول امرأة تحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة.
استطاعت سهير القلماوى أن تقدم إسهامات بارزة داخل الحقل الثقافى فخلال توليها منصب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب عملت على توسيع نطاق القراء وتشجيع الكتاب الشباب والنهوض بصناعة الكتب، فى عام 1967، ومن هنا أسست أول معرض كتاب فى الشرق الأوسط وهو "معرض القاهرة الدولى للكتاب" فى عام 1967م.
لم تقتصر إسهامات سهير القلماوى فى الوسط الثقافى فقد بل ساهمت فى نضال المرأة، من أجل الحفاظ على حقوقها وذلك عبر عبر أعمالها الأدبية، إلى جانب مشاركتها فى فى العديد من المؤتمرات الخاصة بالمرأة العربية وفى عام 1960، كانت رئيسة المؤتمر الدولى للمرأة.
رحلة سهير القلماوى كان حافلة أيضا بالعمل السياسى وكانت البداية عندما دخلت مجال السياسة كعضو بالبرلمان فى عام 1958م، ورشحت مرة أخرى فى الفترة من 1979 حتى 1984م.