افتتح صباح أمس بالمجلس الأعلى للثقافة ملتقى القاهره الدولي للتراث الثقافي غير المادي- دورة الدكتور أحمد مرسي، وجاءت محاور الجلسة الثانية لتتحدث عن الفنون الغنائية المصرية والليبية بين التنوع وفنون الأداء، قدمها الباحث أبو الفتوح البرعصي، والذي قال إن غناء الشعب المصري عامر بالتنوع والتفرد والوحدة من حيث تنوع اللهجات المنبثقة من اللغة العربية من اللغة العربية الأم وروافدها، ويظهر ذلك جليًّا في فنون الشعر الغنائي، ونظرًا إلى هذا التنوع الثقافي يأتي التنوع الغنائي الذي يتشابه كثيرًا مع الغناء الشعبي الليبي، وهذا من منطلق أن مجتمعات قبائل الشرق الليبي، ويرجع ذلك إلى الترابط والصلات المشتركة بين الشعبين من حيث اللغة والدين والتاريخ، واللهجة والجوار والتراث الثقافي المشترك لدى قبائل أولاد علي من بني سليم المسعادي، والمرابطين في مصر وليبيا، وأضاف البرعصي أن تراث المنطقتين يغلفه التشابه الكبير الذي يصل إلى حد التطابق في الشعر والغناء، وذلك من حيث التنوع والثراء وفنون الأداء كما يظهر في الاحتفالات بدورة حياة الإنسان من طقوس متوارثة.
وعن أشكال الأغاني الرئيسة عند البدو تحدث الباحث نايف أبو نمرة، بدأها بالحديث عن "الهجيني"، وقال إن الهجيني هو لون من ألوان الغناء الشعبي القديم الذي كان يردده المسافرون وهم على ظهور إبلهم وهجنهم، ويقطعون فيها الصحراء ومسافاتها البعيدة، وكان في غناء الهجيني ما يخفف وحشة الطريق وعناء السفر ويحث الإبل على السير السريع، حيث يطلق المغني صوته ليتناغم مع سير الإبل وهي تتهادى في رمال الصحراء فيعلو صوته تـارة وينخفض تارة أخرى مع إيقاع أخفاف الإبل ووقع خطواتها.
وعن سبب التسمية قال إنه جاء من الهجين وجمعه هجن؛ وهو الجمل الرشيق سريع المشي، والذي يعد من أجل السفر من لفظة الهجيني اشتقوا فعلًا فقالوا هوجن، يهوجن، هوجنة، أي تغنى بهذا النوع من الغناء ثم "المويلي" أو الموال، ولفظة المويلي مشتقة من المويل، وهو تصغير الموال بلهجة أهل البادية، وهذا اللحن أشبه ما يكون بالموال، وإن كان من حيث التركيب أقرب ما يكون إلى الهجيني، ولكنه أصغر منه نغمة وأسرع إيقاعًا، وهو من الألحان الأصلية التي يعتبرها البدو أصل الغناء عندهم.
وعن أغراضه قال إن غناء المويلي تشابه أغراض الهجيني، فنرى فيه ذكر السفر والإبل والحنين والغزل وما شابه. وعن غناء "المحاورة" قال إنها نوع من الشعر الارتجالي المبني على الجمل القصيرة والسجع، الذي يلقى ويغنى في الأعراس، حيث تقام الحفلات ويتحاور فيه عدد من الشعراء الذين لهم باع طويل في الشعر الارتجالي، وإذا أطلق أحدهم لسانه بكلمة لا تروق الشاعر الآخر فحينها يبدأ التراشق بالكلام، وقد يصل الحال إلى إقناع القول أو ربما إلى المشاجرة، ولكن هذا لا ينطبق على جميع الحالات، فسرعان ما يتصالح الشعراء وتعود المياه إلى مجاريها.