نلقى الضوء على كتاب "صلاح منصور .. العصفور الصورة والجوهر" للناقدة الفنية ناهد صلاح، والذي صدر مؤخرًا ضمن إصدارات مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية.
تقول ناهد صلاح فى مقدمة الكتاب: في هذا الكتاب نسعى للتوغل فى عالم صلاح منصور، ونتعرف على الطفل الصغير الذي وقف يمثل يوما أمام الملك فاروق وإمبراطور إيران ابن شبين القناطر مدينته الفلاحية الصغيرة فى محافظة القليوبية وارتحاله فى طفولته إلى الأسكندرية مدينة الفنون والثقافات المتعددة ثم استقرراه فى شبابه بجوار السيدة زينب حين سكن مع عائلته فى واحد من أعرق الأحياء الشعبية بالقاهرة، فندرك تأُير الجغرافيا على تكوينه الإنساني والفني، كما نتطرق إلى تحليل حضوره من خلال أبرز أدواره المسرحية والإذاعية والتليفزيونية والسينمائية وكيف عمل بحماس مع مؤلفين ومخرجين ينتمون إلى مدارس فنية مختلفة ما بين اليميني واليساري والكلاسيكي والحداثيي وكيف كان أيضا كشافا وضاء فى العديد من الأعمال المأخوذة عن أصل أدبي وكذلك من خلال أفلام سياسية سواء اتفقنا أو اختلفنا مع مضمونها، خاضت بجرأة في الواقع السياسي للمجتمع المصري دون أن نتغافل عن مشاركته في أفلام أقل من قيمته الفنية اعتبرها البعض إهدارا لوقته وموهبته الثمينة بينا هو على الأغلب اضطر لها لسببين أولهما الاحتياج الضروري للعمل، والثان فى إطار التجربة والتنوع، وننتهي إلى صورة حاولنا أن تكون كاملة قدر المستطاع للمثل مؤثر مضى فى أدائه كما لو كان لا يمثل من فرط السهولة واليسر، وعرف دائما متى وكيف يزيد وهجه الرحى ونشاطه النفسي ويشد قامته التمثيلية على أرض مستقرة.
وثمة لمحة إنسانية جلية وبراقة فى أداء صلاح منصور تلخص مصداقيته وعمق انفعاله بما يقدمه قاعدتا ارتكاز في مشروعه التمثيلي فى تقدير أنه يمكن ملاحظتهما عند آخرين من جيله، جيل الصدق والمعاناة، والطموح الفني بما يرتقي بدور الفن وتأثيره وعلى هذا الأساس يمكننا اعتبار أدواره الثانوية الصغيرة حتى التي ظهر فيها كمبارسا عندما استهل مشواره السينمائي كان أمر يكتنف على الكثير من التحديات فرضتها عليه الظروف فتشكلت قشرته التمثيلية المنصهرة مع حمى التمثيل بداخله وعلى الرغم من الملمح الكوميدي الذي ظهر في أدواره الأولى إلا أن صناع السينما اختاروه ليكون أيقونة لأدوار تدور حول تيمة الشر والنذالة.
أجاد أدوار الشر بمهارة أوصلته إلى القمة بعد مشوار طويل حافل بهذه النوعية ومنها عبد السميع أفندي الموظف المتملق ماسح الجوخ لمديره الفاسد كما ظهر فى "معلهش يا زهر" وكمال الشاب الشرير المستأجر كي يفرق بين الزوجين الحبيبين في فيلم "شاطئ الغرام" وسامح ابن عامر بيه المدلل الخليع المؤذي في فيلم "آمال" مرورا بدور عمره الذي حقق له انطلاقة فنية على مستوى أكثر إشراقا دور سليمان ابن البقال فى كل خسته ودناءته فى فيلم "بداية ونهاية" مع المخرج صلاح أبو سيف لينضج أكثر فى سلسلة طويلة من الأدوار الثانية كان فيها عصب الفيلم ووتده حتى وصل إلى العمدة فى الزوجة الثانية، دوره الأكثر شهرة وشعبية والمتتمم لفكرة الممثل الواعي المتمرد على التنميط والأداء التقليدى حتى لو كانت أدواره ذاتها مكتوبة لتكون نمطية.