واحدة من الأحداث الغريبة التى استوقفتنى وأنا أقرأ فى كتاب "البداية والنهاية" للإمام الحافظ ابن كثير أنه فى سنة 236 هجرية أمر الخليفة المتوكل بهدم قبر الحسين بن على بن أبى طالب وما حوله من المنازل والدور، ونودى فى الناس من وجدها بعد ثلاثة أيام ذهبت به إلى المطبق، فلم يبق هناك بشر، واتخذ ذلك الموضع مزرعة تحرث وتستغل.
وفكرت ما الذى يدفع خليفة المسلمين وهو عباسى أى أنه ابن عم الإمام الحسين لفعل ذلك؟
يقول أبو الفرج الأصفهاني: (وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبى طالب، غليظاً على جماعتهم، مهتماً بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم وسوء الظن والتهمة لهم، فبلغ بهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بنى العباس قبله، وكان من ذلك كرب قبر الحسين (عليه السلام) وعفى آثاره، ووضع على سائر طرق الزوّار مسالح لا يجدون أحداً زاره إلا أتوا به فقتلوه أو أنهكوه عقوبة).
ويقول الدكتور عبد الجواد الكليدار لم تمض أكثر من أربعين سنة على هدم الرشيد للقبر المقدس حتى كان دور حفيده فى ذلك، فمُنى القبر بالهدم مرة أخرى على يد جعفر بن المعتصم بن الرشيد ــ المتوكل ــ فإنه فى خلال خمس عشرة سنة من حكمه هدم قبر الحسين (عليه السلام) ومخر أرضه وكربه أربع مرات فى فترات مختلفة تأسياً بسيرة أسلافه من المنصور والرشيد.
وقد أمر المتوكل أن يحرث القبر ويبذر ويسقى موضع قبره وما حواليه، وأن يمنع الناس من إتيانه، وأعطى الديزج من كان يسكن حول القبر مدة ثلاثة أيام لمغادرة المكان بعد أن هدم بيوتهم ومن وجده منهم بعد هذا الموعد سيكون مصيره في (المطبق) وهو سجن المتوكل الشهير الذي لا يخرج منه سوى الأموات.