يعتبر كتاب جينى أوديل "إنقاذ الوقت" من أحدث الكتب الصادرة على منصات بيع الكتاب العالمية، حيث صدر قبل 10 أيام وبالتحديد فى السابع من مارس الجارى، لكنه كتاب ينتظر له أن يثير الاهتمام حيث كتبت عنه كبريات الصحف فى الولايات المتحدة ومنها صحيفة نيويورك تايمز.
تحكى الكاتبة تجربة امتدت على مدى 3 سنوات هى فترة كتابة "إنقاذ الوقت" تشاركت خلالها مع ضوء الشمس أثناء كتابتها على طاولة المطبخ عن الوقت كعنصر فاعل فى منظومة العمل والإنتاج بينما كانت الجذور التي تمسك الطحلب إلى التربة متجذرة في خيالها وهى تكتب عن رفيقها حيث تقول عنه: "لقد كان تذكيرًا بالوقت، ليس فقط بالمادة المتجانسة الفارغة التى تتكون لدى الطحب، ولكن بنمو الكائن الحي الذي يبدأ ويتوقف، يتشكل فقاعات، ويتجمع في الشقوق، وينطوي في الجبال، إنه النوع الذي ينتظر الظروف المناسبة، والذي يحمل دائمًا القدرة على بدء شيء جديد".
يتميز كتاب جينى أوديل باعتماد نسخة من الطبيعة "الطحالب" للحديث عن أهمية الوقت من خلال توصيل فكرة دور الوقت فى نمو هذا الكائن بينما أصبح كتابها السابق "How to Do Nothing :Resisting the Attention Economy"، من أكثر الكتب مبيعًا بشكل بعدما أثار جرس الإنذار حول كيف كسر وسائل التواصل الاجتماعي قدرتنا على التركيز العميق وإيقافنا عن تحسين الذات بلا هوادة.
وعلى الرغم من أن وفرة الكتب التي تركز على كشف ماهية الوقت، إلا أن كتابها برز ليس من أجل أصالة حجتها ولكن من أجل صدق شخصيتها التى تنضح بها صفحات الكتاب إذ تسجل أهمية أن ترى محيطها، وأن تلاحظ المزيد من الطيور، والمزيد من الزهور، لتؤكد أن النظر إلى الأعلى ومن حولك هو "بذرة المسؤولية".
في "إنقاذ الوقت" تواجد الطحلب كملهم (هل تتخيل عزيزى القارئ؟) بينما عمقت أوديل نهجها وضخمت نبرة صوتها بل إنها كتبت هذا الكتاب لإنقاذ حياتها كما أوضحت إذ كانت تكافح من أجل فهم لماذا أصبح العالم منظمًا من أجل الربح وليس من أجل الازدهار البشري أو البيئي.
تكشف جينى أوديل في توفير الوقت كيف ظهرت الساعات باعتبارها "أدوات للسيطرة" من أجل توحيد الوقت بواسطة أجراس الكنائس ثم بواسطة السكك الحديدية في القرن التاسع عشر كما تعرج إلى المهمة الاستعمارية التى أوجدها المستعمرون والتى تقوم فكرتها على استخدام العمل كقوة "حضارية"، والطرق التي تم بها تسليع الوقت وتنظيمه بشكل تدريجي، من المصانع في أوائل القرن العشرين إلى طوابق مستودعات المحال التجارية المعاصرة.
"إن المفهوم الغربي الرأسمالي للربح والكفاءة قد قضى على مقاييس الوقت الأخرى الأكثر إفادة، بل لقد أخرجتنا الحداثة من الانسجام مع الطبيعة واحتياجات أجسادنا، لقد استنفدوا عوالمنا الداخلية والخارجية"، هذه هى الرسالة النهائية التى تريد جينى أوديل إيصالها عبر كتابها الذى يعيد تعريف الوقت من خلال مراقبة طحلب.
ما ينبغى الإشارة إليه أيضا هو أن جينى أوديل تعاملت مع الظواهر البيئة التى تحيط بها كدليل على الوقت بحساسية وشعور باذخ، ومع ذلك لا يزال هناك سؤال أكبر: لماذا يبدو كتابًا مهتمًا جدًا بالقضايا التي تلوح في الأفق في يومنا هذا ويمتلك مثل هذا الصوت الملح وكأنه يضيع الوقت؟