نلقى الضوء على كتاب "عبقرية المسيح.. المعركة المجهولة بين الأقباط والعقاد .. وثائق تاريخية" للكاتب روبير الفارس، والذي صدر عن دار نشر روافد.
ويقول روبير الفارس، إنه فى هذا الكتاب يقدم جانبًا مجهولًا تسبب فيه إصدار العقاد لكتاب "عبقرية المسيح"، حيث جرت معركة ساخنة حول الكتاب تعددت أطرافها ومراميها، الأمر الذي يعد حلقة مفقودة من تاريخنا الفكري من ناحية، ومن ناحية أخرى هو نوع من المكاشفة بما هو باطن وخفي عن العيون لعلنا نستفيد بقراءة أوراق هذه المعركة وذلك للتعامل بما يناسب العصر من إعلاء قيمة الاختلاف وأهمية قبوله كمحور أساسي إذا كنا صادقين وراغبين بالفعل في تجديد الخطاب والفكر الديني على أساس سليم.
وقد تعرضت فى الكتاب لرؤية العقاد للمسيح والمسيحية قبل إصدار كتابه "عبقرية المسيح"، وفي سبيل إغداق أهمية على تنوع ردود الفعل من المتلقين للكتاب رصدت الاحتفاء والرفض الذي قوبل به من قبل كتاب وباحثين مسلمين، ثم نماذج تعبر عن مواقف الطوائف المسيحية الثلاثة إزاء الكتاب، فعن الأرثوذكس هناك هجوم القمص سيرجيوس خطيب ثورة 1919 على الكتاب والاتهامات التي وجهت للعقاد بالسعي للربح المادي وأيضا الاتهام بنقل الكتاب عن كتب غربية كما جاء فى مجلة المنارة المصرية، وعن الكاثوليك هجوم مجلة المشرق التي تصدرها الرهبنة اليسوعية والكتاب الذي تم تداوله سرا لأحد المنتمين للطائفة الإنجيلية وبعض ردود العقاد عليها للتاح بذلك أوراق المعركة المجهولة.
وفى مقدمة الكتاب قال الدكتور أبو اليزيد الشرقاوي، لا أخفي سعادتي بهذا العمل الذي يشير إلى خلاف ثقافي مميز، يتسربل هذا الخلاف بمشاعر الدين، فالعقاد كان يتحدث عن عيسى الذي يحمل عنه صورة ذهنية تغاير في الكثير منها ما يحمله روبير الفارس مؤلف هذا الكتاب، فإذا تحدث العقاد عن عيسى فبالضرورة يتحدث عن تصوراته هو عنه لا تصورات الراهب المسيحي أو رجل الدين المسيحي أو حتى المسيحى العادي عن نبيهم عيسى.
وفي هذا السياق فإن نشر هذه الصفحات المطوية في أضابير المجلات القديمة لهو خدمة للثقافة المعاصرة، وصورة للكثير من الجدل الذي قامت عليه الثقافة العربية المعاصرة، وتسجيل لأهمية الاختلاف الثقافي بين فئات المجتمع الواحد، ليس فقط الاختلاف الديني، ولكن عموم الاختلاف، وربما كان الاختلاف الديني أبرز هذه الوجوه وأشدها، ومع ذلك كيف تعامل "الخصوم" في هذه المعركة، إن "الخصومة" هنا خصومة ثقافية، واختلاف الرأي يفتح المجال لأن ننظر من أكثر من مدخل، والحقيقة لها وجوه، وما تظنه أنت وجه الحقيقة ليس بالضرورة يطابق تصوراتي أنا عنها، وقديما انتشرت أمثولة رمزية عن مجموعة عميان سمعوا عن الفيل وضخامته، وأتاحت لهم الظروف الالتقاء بالفيل، وكل واحد من هذه المجموعة أمسك بجزء من الفيل وتحسسه وصار يصفه، وخلاصة الأمثولة الرمزية أن كل واحد يصف ما وقع عليه إدراكه من الحقيقة، والحقيقة هي مجمل ما قاله الناس وليس ما قاله كل شخص على حدة.