تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الراحل فتحى غانم الذى ولد فى 24 مارس من عام 1924 وأثرى المكتبة العربية بعدد من الروايات الشهيرة ومنها الأفيال ورجل فقد ظله وبنت من شبرا والجبل.
وتدور أحداث روايته الشهيرة الجبل خلال حقبة الأربعينيات من القرن العشرين أثناء الحكم الملكي بمصر حين تعهد الحكومة المصرية إلى أحد كبار المهندسين وهو حسن فتحى ببناء قرية نموذجية لتسكين أهالي قرية القرنة فيها، وبالفعل يقوم بتصميم وتنفيذ قرية نموذجية بالقرب من الجبل، وتفاجأ الدولة والمهندس أيضا بأن الأهالي يرفضون الحياة في القرية النموذجية مفضلين ألا يغادروا كهوفهم حيث يتكسب معظم أهالي القرية من الحفر والتنقيب عن الآثار والمقابر الفرعونية وبيعها للأوروبيين، ومن ثمّ يرون أن سكن القرية النموذجية سيحرمهم من مصدر رزقهم الوحيد.
أحداث رواية الجبل مستوحاة من قصة حقيقية وتجسد الحالة الاجتماعية للبيئة العمرانية، فهي تتحدث عن التأثير المدمر الذى يمكن أن تحدثه القرارات العمرانية على المجتمع، وتؤكد أن بناء مساكن جديدة للناس لا يعني أبداً أننا سنحقق لهم السعادة.
الكاتبة نجوى العشرى فقالت فى مقال صحفى نشر فى جريدة الأهرام، عن تناول فتحى غانم فى روايته لمشروع حسن فتحى: مع أن أفكاره وأعماله لاقت استحسانا وتقديرًا عالميا فإنها لم تلق القدر نفسه من الاهتمام داخل مصر، بل إن كاتبا كبيرا وأديبا عظيما هو فتحى غانم وصف فى روايته "الجبل" حسن فتحى بأنه مهندس مستغرب ومستشرق أراد أن يملى على أهل القرنة نمط حياة لا يريدونه بل إنه انتقد على لسان إحدى شخصيات الرواية استخدام القبة فى العمارة المنزلية، فهى تساوى فى نظره وفى نظر كل المصريين العاديين العمارة الجنازية، فهذا المهندس -يقصد حسن فتحى- الذى جاء من القاهرة لم يستطع أن يفهم عقلية مستخدمى تلك البيوت.
والرواية وإن كانت تعرض بحيادية وصدقٍ شديدين موقف أهل الجبل، وتبدو فى النهاية وكأنها تدين ذلك الموقف الرافض للتمدن والحضارة، إلا أنها من جهة أخرى تعكس سيطرة ذلك "الوهم" الكبير على أهل الجبل الذين ينتظرون حلمًا بالغنى والثراء السريع يأتيهم من بين الجبال و"الآثار" فيما تضيع أعمارهم وأعمار أبنائهم بين صخور هذا الجبل! فى الوقت نفسه تنطوى "المدينة" على العديد من المخاطر و"انقطاع الأرزاق" بالنسبة لهم.