عرفت بالشيخة الصوفية الدمشقية والأديبة والعالمة العاملة، نالت من العلوم حظًا وافرًا، وأجيزت بالإفتاء والتدريس وألّفت عدة كتب، وكانت إحدى شاعرات ومُؤِلِفات العصر المملوكي، إنها عائشة الباعونية.
عائشة بنت يوسف بن أحمد بن ناصر الباعونية، الشيخة الصالحة العالمة الأديبة أم عبد الوهاب الدمشقية الصالحية المتصوفة. ولدت في دمشق ونشأت في بيت عريق في العلم والورع، فقد كان أبوها وعمها وأخوها ثم ولدها من أعلام العلماء في الفقه والحديث والتصوف والتاريخ والأدب، فأخذت عنهم وحفظت القرآن الكريم صغيرة، ثم أسمعها والدها علوم الدين اللغة والأدب على شيوخ الشام، ورحلت إلى مصر فأخذت عن علمائها، ونالت من العلوم حظاً وافراً، وأجيزت بالإفتاء والتدريس، وعكفت على الإبداع والتصنيف، فانتفع بعلمها وفضلها خلق كثير، كانت تنتقل بين دمشق والقاهرة وحلب، تطارح علماء عصرها وأدباءه، وتتصل بكبار أهل الدولة إلى أن توفيت في دمشق.
عُرِفَت بكونها سبَّاقةً بين علماء جيلها في مجالات المعرفة، كالفقه والسيرة النبوية وعلوم العربية والتزكية. طلبة العلم ودرس على يد عائشة جملة من العلماء الأعلام، وانتفع بعلمها خلق كثير من طلبة العلم، وترجم لسيرتها بعض من مصنفي كتب الأعلام، ومنهم المؤرخ خير الدين الزركلي في كتابه “الأعلام”، وحافظ الشام نجم الدين الغزي في كتابه "الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة"، والفقيه والمؤرخ ابن العماد الحنبلي في كتابه "شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب"، وقد وصفها الحنبلي بقوله: الشيخة الصالحة الأديبة العالمة، أحد أفراد الدهور ونوادر الزمان فضلاً وأدباً وعلماً وشعراً وديانةً وصيانةً.
وهي أعلم نساء القرن العاشر الهجري، بل قالوا: ربما لم يقم في تاريخ الإسلام بعد كبار الصحابيات والتابعيات مَن يشبهها في العلم والفضل والإجادة والتأليف، وكانت فاضلة الزمان وحليفة الأدب في كل مكان. وذكر الإمام نجم الدين الغَزّي في كتابه “الكواكب السائرة” على لسانها أنها قالت: أهّلني الحقُّ لقراءة كتابه العزيز، ومَنّ عليّ بحفظه على التمام ولي من العمر ثمانية أعوام.