هي من أهل البصرة، لم تكن معاصرة لرابعة العدوية فقط، بل إحدى شريكاتها؛ إذ جلست معها وعملت على خدمتها حتى وفاتها، وعاشت بعد رابعة زمنًا، أنها المتصوفة مريم البصرية، وهي، ويشير نور الدين عبد الرحمن الجامي في كتابه "نفحات الأنس من حضرات القدس" إلى أنها تكلمت بالمحبة، مما يدل على أنها اتبعت طريق العشق الإلهي.
وعن موتها يقول: "حضرت في مجلس كان فيه كلام المحبة، فاحترق كبدها، وماتت في ذلك المجلس"، إذ كانت كلمات المحبة الإلهية أقوى من أن تتحملها تلك التي ذكر عنها أحمد بن أبي الحواري قولها: "ما اهتممت بالرزق وما تعبت في طلبه، منذ سمعت الله يقول: (وفي السماء رزقكم وما توعدون)". كانت آنا ماري شيمل قد أشارت إلى مريم البصرية في كتابها أيضًا، قائلة أنها منذ أن عرفت الحب الإلهي حتى سقطت فيه خائرة قواها، وأنها توفيت من الحب في إحدى حلقات الذكر.
وقيل إِنها حضرت فِي مجالس بعض الواعظين فتكلم في المحبة فانشقت مرارتها فماتت في المجلس، أخبرنا محمد بن أحمد بن سعيد الرازِي قال حدثنا عباس بن حمزة قال حدثنا أَحمد بن أبي الحواري قال حدثنا عبد العزِيز بن عمير قال قامت مريم البصرية المتعبدة من أول الليل فقالَت {الله لطيف بعباده} ثمَ لم تجوز بِه حتى أَصبحت، وقالت مريم ما اهتممت بالرزق ولا تعبت في طلبه منذ سمعت الله عز وَجل يَقُول {وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون}.