في القرآن الكريم روائع وصور جمالية، فبعض الآيات تحمل صورًا بلاغية وفنية رائعة، تجعل من القرآن نصًا إبداعيًا لما له من عذوبة الكلمات ومعانيها التى أسرت قلوب المؤمنين، بجانب قدسيته، التي جعلت منه معجزة النبى محمد صلى الله عليه وسلم إلى العالمين.
وواحدة من آيات القرآن الكريم، التي تحمل صورًا بلاغية رائعة، ونجد فيها تصويرًا فنيًا بديعًا: ﴿وَلَقَدۡ مَنَنَّا عَلَيۡكَ مَرَّةً أُخۡرَىٰٓ﴾ [ طه: 37].
والآية السابقة والتي تأتي كصورة بلاغية رائعة عن منن ونعم الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين، حتى يزدادوا ثبات، كما أن الآية سالفة الذكر تحمل صورة جمالية عبر عنها الله تعالى في كتابه العزيز بكلمات عذبة لها مفعول السحر على القلوب.
"وَلَقَدْ" الواو استئنافية واللام واقعة في جواب قسم محذوف وقد حرف تحقيق "مَنَنَّا" ماض وفاعله "عَلَيْكَ" متعلقان بفعل مننا "مَرَّةً" مفعول مطلق "أُخْرى" صفة لمرة منصوبة بالفتحة المقدرة والجملة استئنافية.
وفى تلك الآية حدث الله نبيه موسى، ليطمأنه بعديد من النعم التي أنعم بها عليه، حتى يزداد ثباتا وثقة بوعد الله-تبارك وتعالى- ولذا صدرت الجملة بالقسم.أى: وبعزتي وجلالي لقد مننا عليك، وأحسنا إليك مَرَّةً أُخْرى قبل ذلك، ومنحناك من رعايتنا قبل أن تلتمس منا أن نشرح لك صدرك، وأن نيسر لك أمرك.
وبحسب تفسير ابن كثير، فأن الآية السابقة كانت إجابة من الله لرسوله موسى، عليه السلام، فيما سأل من ربه عز وجل، وتذكير له بنعمه السالفة عليه، فيما كان ألهم أمه حين كانت ترضعه، وتحذر عليه من فرعون وملئه أن يقتلوه، لأنه كان قد ولد في السنة التي يقتلون فيها الغلمان. فاتخذت له تابوتا، فكانت ترضعه ثم تضعه فيه، وترسله في البحر - وهو النيل - وتمسكه إلى منزلها بحبل فذهبت مرة لتربطه فانفلت منها وذهب به البحر.