حكايات وأسرار يكشفها المصرى القديم عبر حضارته العظيمة التى تبلغ آلاف السنين، ومازالت تبهر العالم حتى الآن، فبين الحين والآخر يتم حل لغز من ألغاز تلك التاريخ الممتد على مدار قرون عدة سجلت بعضها على جدران المعابد فى زمن الكتابة المصرية القديمة وأخرى لم تسجل بعد، ولكن تكشفها كنوز أثرية تخرج من باطن الأرض.
وحكايتنا اليوم مع "أمنمحات" الأول مؤسس الأسرة الثانية عشرة، يحتمل أن يكون هو نفس "أمنمحات" وزير الفرعون "منتو حتب الرابع"، والمرجح أن سلطان هذا الوزير أخذ يعظم، ونفوذه يزداد ويقوى في عهد "منتو حتب" هذا؛ حتى تمكن في النهاية من الاستيلاء على العرش عنوة، ولم يكن صاحب حق وراثي فيه، على أنه من الجائز أن يكون «أمنمحات» تولى العرش بعد وفاة "منتو حتب" مباشرة بفضل ما كان له من قوة ونفوذ في البلاط.
وقد أراد "أمنمحات الأول" أن يبرر اعتلاءه عرش الملك أمام الشعب المصري بطريقة روحية مبتكرة، وقد جرت التقاليد في التاريخ المصري القديم ألا يتولى عرش الفراعنة إلا من كان يجري في عروقه الدم الملكي الخالص، فإذا اتفق أنه ظهر رجل عظيم في البلاد ولم يكن من دم ملكي وأراد أن يؤسس أسرة جديدة أو يغتصب الملك بما لديه من قوة ونفوذ بدون حق شرعي، فإنه كان يلقى في سبيل تنفيذ مآربه عقبات جسامًا، وذلك لأن الشعب المصري كان يميل إلى التمسك بأهداب القديم، ويحافظ على ما وجد عليه آباءه وأجداده؛ وبخاصة فيما يتعلق بالبيت المالك الذي يرتفع في نظر المصريين إلى مرتبة الآلهة.
من أجل ذلك لم يعتمد "أمنمحات الأول" في استوائه على العرش على القوة وحدها، بل قرنها بحيلة تدل على الحذق والمهارة، استمال بها أبناء الشعب، حسب ما ذكرت موسوعة مصر القديمة للدكتور سليم حسن، وتلك هي أسطورة، حرص على إذاعتها بين القوم قوامها نبوءة لحكيم قديم، رأى فيها أن الويلات التي حاقت بالبلاد ستنجاب على يد رجل عظيم يصلح عوجها، ويبرئ بحكمته عللها، وذلك المخلص المنتظر هو "أمنمحات"، آمن بها الدهماء، لأنها نبوءة تنبأ بها حكيم من قديم الزمان منذ آلاف السنين، وقال عنه: إنه المخلص المنتظر، الذي سيخلص البلاد مما أحاق بها من ويلات ونكبات ظلت قرونًا متوالية، وآمن بها المثقفون، لأنها كتبت بأسلوب يأخذ بمجامع القلوب في عصر يحتل فيه الأدب مكانة رفيعة؛ بفضل كتاب نابهين كانوا يصورون حالة البلاد وما انطوت عليه من بؤس وفقر بأسلوب مؤثر، فكان ظهور هذا المخلِّص المنتظر يعد رحمة عند الجميع.