عبد الرحمن الأبنودى، الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ85، إذ ولد فى 11 أبريل من 1938 ورحل فى 21 أبريل من سنة 2015، ويمكن القول إنه عملة نادرة فى عالم الشعر والأدب، فها هو بعد 8 سنوات على رحيله لا تزال كلماته قادرة على التواصل، ولا يزال تأثيره حاضرًا، فقد تصدرت كلماته تتر مسلسل "عملة نادرة" تأليف مدحت العدل وإخراج ماندو العدل، وكتب اسم الخال بطريقة تليق به وبتاريخه الطويل فى دنيا الفن والإبداع والشعر والحكى.
وقد تواصلنا مع الإعلامية الكبيرة نهال كمال، زوجة الخال عبد الرحمن الأبنودى، والتى أبدت سعادتها باختيار كلمات الخال لمسلسل عملة نادرة، وقالت لا شىء مثل ظهور اسمه بعد 8 سنوات من رحيله على تتر المسلسل، وأنا سعيدة بدرجة لا تضاهى.
وقالت نهال كمال عن الدكتور مدحت العدل، مؤلف المسلسل، إنه صاحب فكرة اختيار كلمات الأبنودى، وقد قال لى "لا يمكن أن نقدم عملا صعيديا بدون كلمات للخال"، كما أننى سعيدة لأن الكلمات غناها الفنان الكبير محمد منير لذى كان الخال يحب صوته.
وقالت نهال كمال، تظل كلمات الخال تحمل ريحة الصعيد، ونرى فيها الحياة هناك، فالأمر ليس مجرد كتابة كلمات شعرية بل أكثر من ذلك إنه روح المكان والناس.
وأضافت نهال كمال، نحن نعيش بسيرة عبد الرحمن الأبنودى وبمحبة الناس له، وهو إنسان ليس له مثيل، وأحمد ربنا أننى كنت زوجة له.
وقد اختار الدكتور مدحت العدل الكلمات من أشعار الأبنودي، وهو دليل قوى على أن كلمات الخال "تعيش" وأنه لا يزال يملك كنوزا أخرى يمكن أن تخرج إلينا فى أغنيات وغير ذلك.
وعن نفسى أحب عبد الرحمن الأبنودي وأتذكر أنه فى 1975 وقف السادات يفتتح قناة السويس، والتى كانت مغلقة لفترة طويلة قاربت الـ10 سنوات بسبب الحرب، وشاهد عددًا من الفلاحين يعملون بالقرب من الشاطئ، فسأل من كانوا معه "مش دول بتوع عبدالرحمن الأبنودى بتوع وجوه ع الشط؟"، قال ذلك لأنه بعد نكسة 1967 بينما كان الناس يفرون من الشرق من مدن القناة كان عبدالرحمن الأبنودى يتجه إلى هناك ليعيش مع المرابطين الذين رفضوا أن يفرطوا فى أرضهم، وانتظروا حكمة ربهم التى تلقاها الأبنودى معهم "أموت ولا أسيبش البيت.. أتشرد فين؟/ وأخبط على باب مين".
كان عبدالرحمن الأبنودى يؤمن بالعزم فى الحياة، لذا كان أول المتفائلين بعد نكسة 1967، فبينما الناس بين واحد غير مصدق، وآخر يندب الظروف ويلعنها، رأى الأبنودى طاقة من النور فى آخر الطريق، وعرف أن العمل قادر على صناعة الاختلاف فكتب "عدى النهار" وغنينا معه ومع عبدالحليم «كل الدروب واخدة بلدنا للنهار، وإحنا بلدنا للنهار، بتحب موال النهار، لما يعدى فى الدروب، ويغنى قدام كل دار".
من حسن حظ الناس والعباد فى قرى مصر أن شاعرًا مثل عبدالرحمن الأبنودى مر من هنا، وعرف الناس وظروفهم وأحوالهم، ومن حسن حظ الصعيد وناسه أنه أنجب شاعرًا بقدر عبدالرحمن الأبنودى، قادرًا على بث أشجانه وأحلامه، ومن حسن حظ شعر العامية أن عبدالرحمن الأبنودى قال كلمته عن طريقه، فخرج بها الفن من إطار المحلية إلى الإنسانية، ليكتشف الجميع أن أحمد سماعين الموجوع فى أبنود له علاقة بإبراهيم أبوالعيون الذى يرفض أن يترك أرضه على شط قناة السويس زمن حرب الاستنزاف، وأن كل ذلك له علاقة بأطفال فلسطين أصحاب الحق الذين يرفضون ضياعه، وأن العراق «طاعم المحرومين» لن يضيع حتى وإن بدا ذلك لأصحاب الرؤية القصيرة.
والأبنودى كان يملك مشروعًا مهمًا له وجهان، أحدهما خاص والآخر عام، أما الخاص فهو مشاركته فى كل القضايا الكبرى التى أصابت مصر والعالم العربى، وانتماؤه لجانب الشعب يتحدث باسمه، ويدافع عن قضاياه، ولعل قصيدته "الأحزان العادية" أكبر دليل على ذلك، فما زال الناس- رغم كونها مكتوبة 1981 - يرونها مناسبة حتى الآن لكل ما يستجد على أرض الوطن من اختلاف بين الشعب والأنظمة، أما المشروع العام فهو جمعه للسيرة الهلالية، وتقديمها فى الإذاعة المصرية، مما سمح لكثير من قطاعات الشعب المصرى التعرف على شخص عبدالرحمن الأبنودى بصفته راويًا للسيرة، وبذلك أضاف الأبنودى قطاعًا جديدًا من الناس لا يعرفون القصيدة، لكنهم يعرفون السماع.
كلمات مسلسل عملة نادرة التى تغنى بها الفنان محمد منير من ألحان محمد رحيم:
ايه يقول الليل، فى هادية النجوع
النايمة بالمجموع
إيه يضيف الأنين، لهزيمة الموجوع
وإيه يقول الليل فى هادية النجوع
النايمة بالمجموع
الدم يود اللغة
كهمسة العاشقين
نظرة أخيرة،، ما بين عيون شاهدين
حزنى القديم عاود
وجانى تانى تاني
من اليتامى
ومن ليالى المقهورين
حزنى القديم عاود
وجانى تانى تاني
من اليتامى ومن ليالى المقهورين
ومن الرباعيات الواردة فى المسلسل:
كتب الزمن اسمه
على ضرفتين الباب
حيجينا بكرة فى يده
كشف حساب
حيمد يده الموت نروح وياه
حنموت كدة اغراب
حنموت كدة اغراب
*
يرحم زمان و ايام زمان
كان له جمايل ميتنسوش
ايوه المكان هو المكان
معرفش امتى قلبوا الوشوش