حكايات وأسرار يكشفها المصرى القديم عبر حضارته العظيمة التى تبلغ آلاف السنين، وما زالت تبهرنا العالم حتى الآن، فبين الحين والآخر يتم حل لغز من ألغاز ذلك التاريخ الممتد على مدار قرون عدة، سجلت بعضها على جدران المعابد فى زمن الكتابة المصرية القديمة وأخرى لم تسجل بعد، لكن تكشفها كنوز أثرية تخرج من باطن الأرض.
تناولنا في الحلقة الماضية سيرة حياة الملك إخناتون، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، واليوم نستعرض أبزر رجال هذا الملك، إذ أنه عندما انتقل إخناتون في مقره الجديد "إختاتون" انتقل معه نفر من رجال الدولة العظام، غير أنه رفع من شأن عدد عظيم من عامة الشعب، وقد كانوا يفتخرون في نقوشهم بأصلهم الوضيع، وكان "آنى" واحدًا من أبرز الرجال الذين خدموا هذا الفرعون.
"آني" الذى كان من المقربين إلى الملك إخناتون كذلك إلى الفرعون، كما تدل على ذلك ألقابه، وهي: قريب الفرعون "الذي يحبه"، و"كاتب الفرعون الحقيقي،" وكاتب مائدة قربان رب الأرضين، وكاتب مائدة قربان "آتون" لأجل "آتون" الذي في معبد "آتون" في "إختاتون"، ومدير بيت "أمنحتب الثاني".
وخلال حياة "آنى" أُهدي له ما لا يقل عن ست لوحات صغيرة، ويحتمل أن الذين أهدوها إليه هم أشخاص من الذين كانوا في خدمته إلا لوحة واحدة أهداها أخوه "بتاح معي"، حسب ما ذكر الدكتور سليم حسن في موسوعته مصر القديمة.
وكان "آنى" رجلًا رقيق العواطف حلو الشمائل، مما جذب إليه قلوب من كانوا في خدمته وأصدقائه، ومما يلفت النظر كذلك أن ملامح وجه "آني" قد مثلت تمثيلًا صادقًا على هذه اللوحات، ومنها نفهم أن "آني" كان مرتفع السن عند وفاته، وأنه اعتنق مذهب "آتون" في أواخر أيامه، وهذا يتفق مع اللقب الذي كان يحمله في عهد "أمنحتب الثاني" وهو مدير بيت "أمنحتب الثاني"، وذلك أنه إذا كان فعلًا يشغل هذه الوظيفة في عهد "أمنحتب"، فلا بد أنه كان موظفًا مدة لا تقل عن خمسين سنة وعاصَر أربعة ملوك.
وقد دفن "آني" فى قبره "بتل العمارنة" قبل أن يتم تزيينه، اللهم إلا بعض أجزاء قليلة منه تم تزيينها، فنجد على العتب منظرًا للفرعون والملكة وثلاث من بناتهن يقدمن القربان للإله "آتون" ونشاهد "آني" في منظرين يتقبل القربان، وفي ثالث نشاهده كأنه يدخل قبره، وكل هذه المناظر قد صورت بالألوان فقط، ويظهر فيها رسمه الجانبي رسمًا متقنًا يلفت النظر.