تمر اليوم الذكرى الثامنة على رحيل الخال عبد الرحمن الأبنودى، إذ رحل في 21 أبريل عام 2015، وهو الشهر نفسه الذى يشهد ذكرى ميلاده إذ ولد في 11 أبريل عام 1938، بقرية أبنود بمحافظة قنا، لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا، وتحديدًا فى شارع بنى على حيث استمع إلى أغانى السيرة الهلالية التى تأثر بها، عشق الخال عبد الرحمن الأبنودى سماع السيرة الهلالية، وظل يتنقل مع راويها فى كل قرى الصعيد، وعكف لمدة ثلاثون عاما على جمع السيرة الهلالية، وألهمته الكثير فى مسيرته الشعرية.
ولعل تلك ميلاد الأبنودى تلك المدينة الجنوبية، أعطت للخال ذاكرة تراثية، دفعته لتوثيق إحدى الملاحم الشعبية الأسطورية وهي السيرة الهلالية على ربابة عم جابر أبو حسين، وكست شعره بلون جنوبى مميز، وأعطته اللهجة الصعيدية التى عرف بها، ولم يغيرها رغم حياته فى القاهرة فيما بعد، وقسوة تلك المدينة التى تجبر الكثيرين من الذين يحملوا أمتعتهم من مدن مصرية شمالا وجنوبا ليستقروا فى القاهرة على تغيير لهجاتهم.
بدأت رحلة الشاعر الكبير فى جمع "السيرة الهلالية" فى أعقاب هزيمة يونيو1967، واستغرقت منه، ثلاثين عامًا، حاول من خلالها تقصى السيرة الهلالية فى أفواه المنشدين والحكائين العرب، ليتمكن من رصدها ونقلها من الذاكرة الشفهية الآخذة فى الاضمحلال، إلى اللغة المدونة والمكتوبة، حفاظًا عليها من الاندثار؛ تنوعت الرحلة ما بين السودان والجزائر وليبيا، بالإضافة إلى حدود تشاد والنيجر ثم إلى تونس الخضراء.
جاءت سيرة "بنى هلال" كملحمة متكاملة، تزيد على المليون بيت شعري، فى بعض الروايات، لتخرج فى النهاية عملًا تتجلى فيه الحكمة الشعبية العربية، فى تجل درامى من أجمل وأكمل ما عرفته البشرية من ملاحم، كان جوهر هذه الحكاية، هو زحف قبائل بنى هلال، فى منتصف القرن الحادى عشر الميلادي، من "هضبة نجد" بعدما جفت مياهها، ليستقروا فى تونس بحثًا عن حياة أفضل، وكان عددهم نحو 360 ألف مقاتل، ونقل الأبنودى عن "ابن خلدون" أن القبائل زحفت إلى مصر فى عهد الخليفة الفاطمى المستنصر بالله نتيجة للجدب.