استطاع المصريين القدماء من بناء حضارة قديمة مازالت تذهل العالم حتى وقتنا الحالى، فقد برعوا فى التشييد والعمارة بشكل متميز للغاية، إلى جانب بناء المعابد لإقامة الشعائر الدينية، ولهذا نستعرض عبر السطور المقبلة كيف كان يرى المصري القديم السماء.
هناك العديد من الأسئلة التى تدور حول الأفكار التى تتعلق بما هي السماء وأين توجد ؟ وكيف يسكنها الناس بعد الموت؟ وأى نوع من الحياة يعيشون فيها؟ وحسب كتاب "مصر القديمة" لجيمس بيكي، وترجمة نجيب محفوظ، كانوا يعتقدون مثلًا أن السماء الزرقاء صحن حديدي يشمل الفضاء الموجود فوق الدُّنيا، وأن هذا الصحن مرفوع على جبال في أربعة أركان، هي الشمال والجنوب والشرق والغرب، والنجوم مصابيح معلقة في بطن القبة العظيمة، وكانوا يتصورون أن حول العالم يجرى نهر عظيم، وهو الذي تسبح فيه الشمس يومًا بعد يوم في سفينتها مرسلة الأنوار للدنيا، ونحن نستطيع رؤيتها في أثناء سَيرها من الشرق إلى الغرب، أمَّا بعد ذلك فيجري النهر خلف جبالٍ شاهقةٍ تحجُبُ الشَّمس عنَّا، وهنالك تبدأ رحلة الشَّمس في عالَم الظَّلام.
ويتبع الشمس في سيرها القمر، وهو يبحر في سفينة خاصة، وتحرسه عينان لا تغفُلان عنه أبدًا، وممَّا يدعو لهذه الحراسة أن القمر يصطدم كل شهر بعدو لدود يظهر له في شكل خنزير، ففي بحر أسبوعين يسير القمر مُطمئنًّا، يكبر ويستدير إلى أن ينتصفَ الشهر ویکون قد بلغ تمامه، فيتمكّن الخنزير من طعنه ويزحزحه عن مكانه، ويطرحه في النهر، فيأخذ في النقصان والزوال حتى مستهل الشهر الثَّاني، حيث تعود الحياة إليه رُوَيدًا رُوَيدًا.
وأهم ما يسترعي الانتباه حقا هو اعتقاداتهم عن الحياة التي يحياها الناس فى السماء، بعد انتهاء حياتهم على الأرض؛ فإنه لم يوجد شعب من الشعوب كان يصدق ويؤمن بخلود الأرواح بعد الموت مثل المصريين، وفوق ذلك كانوا يعتقدون بأن كل ميت يبدأ حياة جديدة، يسعد فيها أو يشقي تبعًا لما كان يفعله في الدنيا من الخير أو الشر.
وكانوا يعتقدون كذلك أنه إذا مات الإنسان على الأرض تصعَد روحه بعد تحنيطه ودفنه إلى أبواب قصر أوزوريس في الدنيا الأخرى؛ حيث تُحاسب الأرواح في المحكمة الإلهية، وكان لا بُدَّ للرُّوح من معرفة أسماء الأبواب السِّحرية لكي تدلَّها على المحكمة.
وكان بالمحكمة ميزان كبير يقف بجانبه إله لتدوين نتائج حساب الأرواح، وكان يجلس في جوانب المكان اثنان وأربعون مخلوقا مفزِعًا، وهم الذين يعاقِبون الخُطاة الذين اقترفوا ذنوبًا معينة، فإذا دخلت روح إلى المحكمة تتقدم من هؤلاء، وتعترِف لهم بأنها لم تقترف ذنبًا من الذُّنوب المنصوص بعقاب من يقترفها.
بعد ذلك يحضر قلب صاحب الروح، ويوضع في إحدی كفتى الميزان، ويوضع في الكفة الأخرى ريشة، وهي رمز الصدق، فإذا رجحت كفة القلب كانت الروح خاطئة، وجزاء صاحبها أن يقذف بقلبه بين براثن وحش عظيم، يتكون نصفه من التمساح، والنصف الآخر من فرس النهر، وكان دائمًا يربض خلف الميزان ليلتهِم القلوب الخاطئة، أما إن رجحت كفة الصدق "الريشة" فإن حورس يقود الرجل إلى حضرة أوزوريس، حيث يسمح له بالدُّخول في السماء.