يحتفى العالم سنويا باليوم العالمي للرقص، فى مثل هذا اليوم 29 أبريل، وارتبط الرقص بالبشرية منذ فجر التاريخ خاصة فيما يخص علاقته بالعقيدة والتدين، فكانت تقام الرقصات فى صالات المعابد، فكان التعبير بحركات مختلفة ما هو إلا طريقهم لمناجاة الآلهة، وتقرباً إليهم.
وفى الإسلام نجد مكانة خاصة للرقص الصوفي، وقام جلال الدين الرومي – خلال هذه السنوات – بإدماج الشعر والموسيقى والرقص في ممارسة الشعائر الدينية، يقول الكاتب الأمريكى براد غوش، في كتابه (أسرار الرومى: عن حياة وعشق الشاعر الصوفي): "كان جلال الرومي يدور حول نفسه بينما يتأمل ويؤلف الشعر، الذي كان يمليه علىّ آخرين، ودونت تلك الرقصات بعد وفاته لتتحول إلى الرقص الأنيق للدراويش"، أو كما كتب جلال الدين الرومي: "كنت أتلو الصلوات، والآن أتلو القوافي والقصائد والأغاني"، وعقب عدة قرون من وفاته، تتلى أعمال جلال الدين الرومي وتُغنى وتُستخدم مع الموسيقى وكمصدر لإلهام الروايات والقصائد والموسيقى والأفلام، فلماذا تصمد أعمال الرومي رغم مرور الزمن؟
وبعد مماته قام أتباعه وابنه سلطان ولد باتباع الطريقة المولوية ورقصة الدراويش التى أسسها فى مدينة قونية التركية فى القرن الثالث عشر ميلادى، حيث كان الشيخ يؤمن بأن الإصغاء إلى الموسيقى والدوران حول النفس هما رحلة روحية تأخذ الإنسان فى رحلة تصاعدية من خلال النفس والمحبة للوصول إلى الكمال، والرحلة تبدأ بالدوران التى تكبر المحبة فى الإنسان فتخفت أنانيته ليجد الحق وحين يعود إلى الواقع، يعود بنضوج أكبر وممتلئ بالمحبة ليكون خادما لغيره من البشر دون تمييز أو مصلحة ذاتية.
وأتباع هذه الطريقة يسمون بـ"دراويش المولوية"، ويجب أن يصاحب أداءهم للرقص آيات وابتهالات وكانت حلقات الذكر المولوية تقام فى مساجد أنشأت خصيصاً لهذه الطريقة، ورقص المولوية ليس عملا أو مهنة يعمل بها وإنما هى إرث دينى واجتماعى، ويتدرج المشاركون بها فى ترتيب تفرضه الصفات والأعمار المختلفة للراقصين المولويين.
وذاعت المولوية كطريقة صوفية فى عهد الدولة العثمانية، ومنها انتقلت إلى سوريا ومصر ومنطقة البلقان وبعض البلدان الأخرى. لكن جرى التضييق على أنصار هذه الطريقة فى تركيا بعد ثورة كمال أتاتورك العلمانية، ومن ثم عادت بعدها الدولة لتسمح بتقديم عروضها بعد أن أدركت أهميتها كعامل جذب سياحى.