"عقول تتشكل" شعار الدورة الـ14 من مهرجان الشارقة القرائى للطفل، والذى يعبر عن رؤيته فى تقديم كتب تساهم فى تنمية وتطوير عقول الأطفال، وتزويدهم بالمعرفة والثقافة والقيم، ولتحقيق هذا الهدف يجمع المهرجان أبرز صناع أدب الطفلمن كتاب وناشرين ورسامين ومتخصصين، ويوفر لهم منصة للتواصل والتعاون وتبادل الخبرات، من أجل أن يكون الكتاب هو الصديق الأول، والمرشد الأمين للطفل، يسافر من خلاله إلى عوالم مختلفة، ويتعرف على شخصيات متنوعة.
لكن كيف يمكن للكتاب أن يؤدى هذه المهمة بشكل فعال؟ وكيف يمكن للناشرين والمؤلفين أن يقدموا كتباً تناسب احتياجات الطفل وتحفّز اهتمامه؟ وكيف يساهم مهرجان الشارقة القرائى للطفل فى تشكيل عقول الأطفال وإثراء ثقافتهم؟ هذه بعض الأسئلة التى أجاب عنها مجموعة من المشاركين في المهرجان من المتخصصين في مجال أدب الطفل.
أكد مؤنس حطاب، مسئول جناح مؤسسة ألف باء تاء ناشرون، أن المهرجان يعد مصنعاً لتوليد الأفكار وتشكيل العقول، لأنه أصبح من أهم تجمعات صناع أدب الطفل، وأفضل المنصات التى يتواصل من خلالها المبدعون من كتّاب وناشرين ورسامين، ومتخصصين فى أدب الطفل.
ويرى مؤنس حطاب، أن التحدى الأساسى فى أدب الطفل هو إيجاد الأفكار المدهشة التى تستهوى الأطفال، لكى تساعدهم على تطوير عقولهم، وإحداث التغيير الإيجابى فيهم، فالعقول تتشكل بالإصدارات الجديدة التى تطرح القضايا الملحة التى يحفل بها العالم، فى كل القطاعات المعرفية، سواء فى العلوم التجريبية أو الإنسانية، لأن كتاب الطفل كتاب متجدد، ومما يدل على أهمية هذا المهرجان في طرح الجديد، تسليطه الضوء على قطاع مهم وهو رسوم كتب الطفل، وهذا يدعونا إلى التركيز على المهرجان كواحد من أهم الملتقيات التي تشكّل عقول الأطفال.
وحول العوامل التى ينبغى أن تتوافر فى كتاب الطفل ليساهم فعلاً فى تشكيل عقله، قال حطاب: "علينا أن نواكب عقل الطفل وتطوره لكى نعرف كيف يمكن أن نؤثر فيه، لكى لا نقدّم لطفل الألفية تلك الإصدارات التي نخاطب بها الأطفال قبل عقود".
وأشار مؤنس إلى أن قضية الصراع بين الكتاب الورقى والإلكترونى هى وهم ينبغى تجاوزه، إذ أن صناعة المحتوى الجيد يمكن أن توضع من خلال الورق أو من خلال التقنيات المتطورة، لكن يبقى كل قطاع منهما له رواده، ففى مرحلة مبكّرة ننصح بالورق لتعزيز ارتباط الطفل بالكتاب التقليدى، وعدم انفصاله عنه منذ بدايات تشكل عقله، وفي مرحلة متقدمة، نتيح له الوسائط الأخرى لتعزيز اتصاله بالمهارات المتقدمة.
من جهته قال طارق ربيع، مدير دار ربيع للنشر: إن القراءة تساعد على تنمية عقل الطفل، وتبني فكره منذ الصغر، ولهذا يجب على الناشرين والمؤلفين أن يختاروا المعلومات المناسبة لعمر الطفل، وأن يكتبوا بأسلوب جاذب للصغار، وأن يضيفوا وسائل تعليمية تجعل الطفل يستخدم حواسه المختلفة، وهذا يجعل الكتاب أداة فعالة في زيادة وعي الأطفال وتشكيل معارفهم وعقولهم، ويساهم في تقوية الصحة البدنية والذهنية للطفل في نفس الوقت.
وأكد ربيع أن الطفل في سن ما قبل المدرسة لا يحتاج إلى تعلّم مواد علمية معقدة ترهقه فيها مواد الرياضيات والعلوم، بل يحتاج إلى تطوير مهاراته في اللغة والتواصل والإبداع. وقال: "يجب أن نشجع الطفل على الحديث بطلاقة وثقة مع الناس، وأن ندعه يستخدم خياله في اختراع قصص وشخصيات، فالطفل لديه قدرة كبيرة على الخيال، ويمكنه أن يصوِّر أشياء لا نستطيع نحن رؤيتها، ولهذا من المهم أن نوفر للطفل الكتب التي تحترم مخيلته، وتزيد من مدى تفكيره، وبذلك يكون الكتاب محوراً رئيساً في تشكيل عقل الطفل وتأسيسه لمرحلة اكتساب العلوم".
وأكد محمد مرتجى، المشرف على جناح دار ذات السلاسل الكويتية، التزامهم بتقديم كتب تنمي حب الأطفال لتراثهم العربي والإسلامي، وتعرفهم على مختلف جوانب التاريخ والقيم الإسلامية بطريقة ملائمة لأعمارهم ومستوياتهم، وقال: "نؤمن بأن من مسؤولياتنا تعزيز علاقة الطفل بجذوره العربية ومبادئه الإسلامية، والتي تشمل قيماً عظيمة مثل الإحسان إلى الجار، وبر الوالدين، والصدق، والعدل، وغيرها من الأخلاق الفاضلة، ونعتقد أن هذه القيم تلعب دوراً مهماً في تنمية شخصية الطفل وتحسين مهاراته الاجتماعية والعاطفية، وتزيد من ثقته بنفسه ورضاه عن حياته".
وأضاف مرتجى، نولي اهتماماً خاصاً للكتب التي تجيب على التساؤلات الفضولية للأطفال، والتي تساعدهم على اكتساب المعرفة والثقافة، وتشجعهم على تطوير سلوكيات إيجابية في حياتهم، مثل سلسلة "مشاعر وسلوكيات"، التي تتناول قضايا يطرحها الأطفال على آبائهم، وتحتاج إجاباتها إلى أسلوب نعتمد في صياغته على متخصصين تربويين بحيث تعطي الطفل معلومة متكاملة وواضحة بأسلوب مبسط وجذاب.